كيف لعبت مجرة درب التبانة دورا رئيسيا في المعتقدات المصرية القديمة؟.. اعرف الإجابة 

 كتب: أشرف التهامي

كشفت دراسة حديثة، نشرت في مجلة التاريخ والتراث الفلكي، أن مجرة درب التبانة لعبت دورا كبيرا في تشكيل المعتقدات المصرية القديمة، وأن الشكل الفلكي كان يُنظر إليه على أنه تجسيد لإله بدائي، هو الإله نوت (Nut) إلهة السماء في الديانة المصرية القديمة.
نقلا عن مصادر مصرية قديمة. وبحسب الدراسة، فإن مجرة درب التبانة ترمز إلى أذرع نوت الممدودة خلال أشهر الشتاء، كما تجسد عمودها الفقري الممتد عبر السماء خلال أشهر الصيف.

نوت
نوت

نوت باللغة المصرية القديمة بالإنجليزية(Nut) هي إلهة السماء في الديانة المصرية القديمة، وتُرسم عادة مرصعة بالنجوم. وطبقا للمعتقدات الدينية عند قدماء المصريين أنها أخت جب، إله الأرض، وابوهما شو إله الهواء وأمهم تفنوت إلهة الرطوبة (أو إلهة النار كما يفسرها بعض المؤرخين).

ويتكون جسدها من النجوم. وبحسب المعتقد المصري، ترمز نوت إلى الإيمان بالحياة الأبدية والقيامة، إذ كانت تبتلع الشمس كل مساء طوال الليل، وتمر بها في رحمها، لتولدها مرة أخرى في الصباح.
بالإضافة إلى ذلك، تُنسب إليها القدرة على العمل كحاجز بين القوى الفوضوية خارج العالم والعالم المنظم والعقلاني، وهذا هو السبب وراء تصوير نوت على أنها امرأة على شكل قوس تحمي العالم تحتها.

الأسطورة المصرية القديمة

الإلهة نوت هي إحدى ألهة المصريين القدماء الرئيسية المتعلقة بالخلق وهي من ضمن ما يسمى «تاسوع هليوبوليس» أي التسعة آلهة المتعلقين بعملية خلق الدنيا وكانوا يعبدوا في (هليوبوليس عين شمس حاليا). وطبقا لأسطورة الخلق هذه أن نوت هي أبنة شو إله الهواء، وأمها تفنوت إلهة الرطوبة والمطر، وهي تعتبر حفيدة لإله الشمس أتوم. وقد تزوجت نوت من أخيها جب إله الأرض، وأنجبا أربعة أبناء، ذكرين وأنثتين وهم: أوزيريس وست وإيزيس ونيفتيس.
وطبقا للأسطورة الدينية لقدماء المصريين أن نوت تسمى أحيانا “أم حورس” حيث أن أمه المباشرة إيزيس كانت قد حملته وهي في بطن أمها نوت حيث أخصبها أوزيريس. ويُذكر في مخطوطة تسمى «كتاب نوت» أن نوت هي والدة رع (الشمس) وزوجها أوزوريس.
في كتاب الموتى -وهو دليل يهدف إلى إعداد الشخص للحياة الآخرة في مصر القديمة -يوصف نوت بأنها تحمي الموتى أثناء إطعامهم وإرواء عطشهم.
قال الدكتور أور جراور، الأستاذ المشارك في الفيزياء الفلكية بجامعة بورتسموث:
“لقد صادفت إلهة السماء نوت عندما كنت أكتب كتابًا عن المجرات وأبحث في أساطير درب التبانة. أخذت بناتي إلى المتحف وقد انبهرن بهذه الصورة لامرأة مقوسة وظللن يطلبن الاستماع إلى “قصص عنها”.

جدارية " نوت"
جدارية ” نوت”

وقال جراور، الذي تولى مهمة البحث في علم الفلك: “أثار هذا اهتمامي وقررت الجمع بين علم الفلك وعلم المصريات لإجراء تحليل مزدوج -فلكي وثقافي -لإلهة السماء نوت، وما إذا كان من الممكن بالفعل ربطها بمجرة درب التبانة”. استمدت معلوماتها من مجموعة غنية من المصادر القديمة، بما في ذلك:
1- نصوص الأهرام وهي (مجموعة من النصوص الدينية المصرية القديمة من عصر الدولة القديمة، منقوشة على جدران الغرف الداخلية.
2- التوابيت في عدة أهرامات في سقارة.
3- نصوص التوابيت (نصوص تحتوي على نصوص مصرية قديمة) وهي تعويذة دفن مكتوبة على التوابيت والتوابيت ابتداءً من العصر الوسيط الأول)
اعتمد جراور أيضًا على النصوص الفلكية المصرية القديمة (بما في ذلك موضوعات أسطورية مختلفة) مع التركيز على دورات العشريات، وهي مجموعات نجمية تستخدم كتقويم من قبل المصريين القدماء، وقارنها بأرقام من سماء الليل المصرية.
وجد جراور أدلة دامغة على أن مجرة درب التبانة أكدت على الوجود الإلهي لنوت. لقد ربط المعتقدات المصرية بمعتقدات الثقافات الأخرى وأظهر أوجه التشابه في كيفية تفسير المجتمعات المختلفة لنفس المجرة.

الآلهة المصرية تدعم "نوت" فوقهم
الآلهة المصرية تدعم “نوت” فوقهم

وقال الدكتور أور جراور، الأستاذ المشارك في الفيزياء الفلكية بجامعة بورتسموث: “تُظهر دراستي أيضًا أن دور نوت في انتقال المتوفى إلى الحياة الآخرة وارتباطها بهجرة الطيور السنوية يتوافق مع كيفية فهم الثقافات الأخرى لدرب التبانة. على سبيل المثال، كطريق الأرواح بين مختلف الشعوب في أمريكا الشمالية والوسطى أو كطريق الطيور في فنلندا ودول البلطيق”.
واختتم قائلاً: “يُظهر بحثي كيف يمكن للجمع بين التخصصات أن يقدم رؤى جديدة للمعتقدات القديمة، ويسلط الضوء على كيفية ربط علم الفلك بين البشرية عبر الثقافات والجغرافيا والزمن”.

زر الذهاب إلى الأعلى