طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (28)
بيان
مأزق مركب وقعت فيه إسرائيل بعمليتها العسكرية فى رفح بسبب الإخفاقات المتتالية في تحقيق إنجازات على الأرض مما أضطر المتحدث العسكرى الإسرائيلى اليوم إلى الإعلان عن السيطرة العملياتية الكاملة على محور فيلادلفيا وهو إعلان فارغ من مضمونه واعقبه إكتشاف العديد من الانفاق تستخدم في تهريب الأسلحة بين مصر وقطاع غزة وهو مارفضه شكلا وموضوعا مسئول مصرى رفيع المستوى، مؤكدا أن هذا الإعلان الإسرائيلى هدفه إطالة امد الحرب لأهداف سياسية والتغطية على الأزمات الداخلية الإسرائيلية.
وأكثر هذه الأزمات تفجر اليوم بإعلان ايزنكوت عضو مجلس الحرب الإسرائيلى أن نتنياهو فشل تماما فى تحقيق هدف واحد من أهداف الحرب على غزة وأن هذه الحرب ستستمر لفترة تترواح بين ثلاث وخمس سنوات يعقبها سنوات أخرى لتشكيل حكومة فى غزة وهى أطروحة غير منطقية بالمرة في ضوء الضغوط العالمية التى تتعرض لها إسرائيل خارجيا وكذلك الضغوط الداخلية من أهالى الأسرى لدى الفصائل الفلسطينية.
بخلاف التحديات العسكرية الناجمة عن تدمير ١٥٠٠ دبابة وجرافة إسرائيلية والأعداد الكبيرة في القتلى والجرحى والتى تحاول إسرائيل تعويضها بتجنيد الحيريديم والذين يرفضون ذلك تماما.
الفشل الإسرائيلى تجلى في أوضح صوره فى عودة القسام لقصف تل أبيب من منصة صواريخ برفح على بعد مئات الأمتار من الجنود الإسرائيليين بالإضافة إلى تبادل إطلاق النار مع قوة من الجيش المصرى مما أدى إلى زيادة التوتر مع مصر إثر سقوط أحد أفراد القوة المصرية قتيلا بالإضافة إلي عدد من الجرحى.
أصوات أخرى فى إسرائيل روجت لاستمرار الحرب على غزة لسبعة أشهر قادمة على أقل تقدير طمعا في الوصول إلى الإنتخابات الرئاسية الأمريكية لمزيد من الضغوط على الولايات المتحدة لتعويض إسرائيل عن كل مافقدته من معدات عسكرية وكذلك الوصول إلى الإنتخابات الإسرائيلية وإمكانية إسقاط نتنياهو والخروج من مستنقع غزة.
وتزامن ذلك مع تصويت الكنيست على إلغاء كل الامتيازات التي تتمتع بها الأونروا في إسرائيل بل واعتبارها منظمة تشجع على الإرهاب.
ومايزيد من عمق المأزق الإسرائيلى تكثيف الحوثيين لعملياتهم العسكرية فى البحر الأحمر بستة عمليات دفعة واحدة تزامنت مع الإعلان الإيراني لأول مرة عن تزويد الحوثيين بصواريخ باليستية جديدة من طراز قدر الذى استخدمته إيران مؤخرا في قصف إسرائيل وهو صاروخ يصل مداه إلى ١٩٥٠ كيلو متر وقادر على إصابة الغواصات وهو تطور نوعى يعمق من حصار الحوثيين لإسرائيل في البحر الأحمر ويفرض معادلة جديدة بإمكان قصف الحوثيين للعمق الإسرائيلى.
وتكتمل أبعاد المأزق الإسرائيلى بجبهة الشمال حيث يصعد حزب الله قصفه للمستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية مما دفع جالانت وزير الدفاع الإسرائيلي إلى زيارة مستوطنات الشمال وتحدى حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله بإعلان أسماء قادة حزب الله الذين استهدفت إسرائيل ووقف جالانت بجوار صورهم وقد تناسى جالانت أن حزب الله لم ينكر أبدا استهداف قادته ومقاتليه الذين وصل عددهم إلى أكثر من ٤٠٠ قتيل.
المأزق الإسرائيلى امتد إلى الولايات المتحدة الأمريكية التى تفكك رصيفها العائم في غزة وأضطرت إلى تفريغه وسحبه إلى ميناء أسدود لإصلاحه بالإضافة إلى إعلان وزير الخارجية الأمريكى بلينكن أن عدم امتلاك نتنياهو لخطة مابعد الحرب يعمق المأزق الإسرائيلى ويمنعها من إتخاذ بدائل فعالة للقضاء على حماس.
وحتى ورقة المفاوضات التى كان يناور بها نتنياهو للتغطية على استمراره في الحرب نزعتها منه حماس برفضها التام لأى مفاوضات وسط إستمرار المجازر الإسرائيلية في رفح واستهداف خيام النازحين وأنه لابد قبل الدخول في مفاوضات أن يتم الإعلان صراحة على وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة وهو ما يرفضه نتنياهو تماما.
الموقف تسوده الضبابية الشديدة ويبدو أنه سيستمر على هذا المنوال من المواجهات العسكرية فى إطار حرب عبثية فقدت كل مبررات استمرارها اللهم إلا المزيد من القتل والمجازر الاسرائيلية اليومية في حق المدنيين.