في علم المعارف والصفات الإلهية (13) اللطيف.. الخبير.. الحليم
حلقات يكتبها: محمد أنور
اللطيف
سبحان الله اللطيف الذى يعلم خفايا الأمور ودقائقها ويعلم ما في الصدور، لا يريد لعباده سوى الخير واليسر، يفيض على عباده من أسباب الصلاح والفلاح والرحمة، يلطف بالعباد من حيث لا يعلمون، ويقضى لهم حوائجهم من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون.
قال الله تعالى ( الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوى العزيز).
وقوله تعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).
لطف الله بالإنسان وأرسل ملائكة تحفظه من الشرور، وأرسل لنا الأنبياء والرسل مبشرين ومنذرين ليخروجنا من الظلمات إلى النور، ولو أدرك الإنسان قيمة ذلك لتأكد من لطف الله، وعرف مدى عناية الله به.
قال الله تعالى (لا تدركه الأبصر وهو يدرك الأبصر وهو اللطيف الخبير).
ومن لطف الله سبحانه وتعالى بعباده أنه أعطاهم فوق الكفاية وكلفهم دون الطاقة، ويسر لهم سبل الوصول إلى السعادة، لطيف بخلقه رفيق بهم ومحب لهم.
اللهم الطف بنا واهدنا واغننا من فضلك واسترنا وانصرنا على أعداء الإسلام.
الخبير
سبحان الله الخبير الذي لا يخفى عليه الأخبار الباطنة، فلا شيء يجرى في ملكه إلا بعلمه، فلا تضطرب نفسا ولا تطمئن إلا ويكون عنده خبرها.
الخبير بمعنى العليم، ولكن إذا أضيف العلم إلى الخفايا الباطنة سمى خبرة ويسمى صاحبها الخبير، وتشمل خبرة الله تعالى كل ما تخفيه النفوس والقلوب، وتسع خبرته كل المخلوقات خبرة واسعة بكل دقيق وصغير، وكل الخفايا التي لا يعلمها البشر يعلمها الله بخبرة دقيقة وتقدير لا يقبل شك ولا يحتمل خطأ، خبرة يقينية وليست ظنية أو احتمالية.
قال الله تعالى ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور).
سبحانه وتعالى الخبير العالم بما يصلح للإنسان وما يصلح الإنسان له، ولذلك يجب أن يكون هناك يقين من الإنسان بأن الله وحده هو العالم الخبير، وعندما يدرك الإنسان هذا العطاء الإلهى فأنه يمنحه النجاح في حياته والاستقرار في أموره، أما إذا شك في ذلك وتحكمت فيه شهواته وهواه فإنه يحرم نفسه من الخير والكرم ويظل في حيرة واضطراب إلى أن يهتدى إلى هذا العطاء.
وعلى الإنسان أن يستفيد من هذا الإسم العظيم بضرورة الالتزام بكل ما أمر الله به، سواء كان في السر أو في العلن، لأن الله سبحانه وتعالى هو وحده الخبير بكل الذي يحيط بكل شيء علما، ويجب على الإنسان أن يكون خبيرا بقلبه وخفاياه، ويطرد منه الغش والخيانة والشرور، بل يغرس في قلبه ونفسه الخير والإخلاص ومحبة الناس، وذلك لأن معرفة الإنسان بخفايا نفسه يجنبه سوء العاقبة وغضب الله عليه.
الحليم
سبحان الله الحليم الذى لا يجازى الإساءة بالاساءة، بل يعفو ويصفح، وعندما يدرك الإنسان معنى ذلك يكون حليما، لأن صفة الحلم من احب الصفات إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتجعل الإنسان محبوبا من الناس ويحظى بثقتهم وحبهم.
الحلم هو صفة من أجمل الصفات ويعتبر سيد الأخلاق، وذلك لأن الله تعالى هو المتصف بكل صفات الجلال والجمال والكمال وهو الحليم، يرى كل العصاة وهم يخالفون أمره ويعصونه، ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ يجعله يسارع بالانتقام منهم مع قدرته المطلقة على ذلك، ولكنه يمهل العصاة ويعطيهم فرصة تلو الأخرى، عسى أن يتوبوا وينوبوا إلى ربهم.
يرزق الله تعالى الكافرين رغم كفرهم ولا يمنع عنهم أرزاقهم رغم عصيانهم وانما يؤجلهم إلى يوم الحساب، وهذا دليل على أن الله تعالى هو الحليم.
يتصف الأنبياء والرسل بالحلم، فهو صفة من صفاتهم ومن سار على دربهم ونهجهم.
قال الله تعالى ( إن إبراهيم لحليم أوه منيب)
كان إبراهيم عليه السلام حليم على قومه وعلى أبيه، لم ييأس منهم ولم يغضب عليهم بل كان نعم العبد الحليم المنيب إلى الله.
وكذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم مثالا يحتذى به في الحلم، فهو صلى الله عليه وسلم لم يغضب ابدا لنفسه ولكنه يغضب لله إذا انتهكت محارمه.
ما من شئ أشد على الشيطان من عالم معه حلم.. إن تكلم تكلم بعلم، وإن سكت سكت بحلم، فيقول الشيطان: سكوته على أشد من كلامه.
سبحان الله العظيم الحليم رب العرش الكريم.
اقرأ فى هذه السلسلة:
– في علم المعارف والصفات الإلهية (12) السميع.. البصير.. الحكم.. العدل
في علم المعارف والصفات الإلهية (11) الخافض – الرافع.. المعز – المذل