طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (25)
بيان
٢٠٠ يوما على انطلاق عملية طوفان الأقصى، ووقفة طويلة مع كل أطراف الصراع وكشف حساب يقدمه الجميع خلال المائتى يوم.
أبدا المقال بكلمات افتراضية إذا تحققت تغير الموقف تماما.
المفترض أن تعلن إسرائيل بعد ٢٠٠ يوما أنها قضت تماما على حركة حماس ومنعت أى احتمال مستقبلى لإطلاق الصواريخ من غزة كما نجحت في إطلاق سراح جميع الأسرى لدى حماس.
كان هذا هو المفترض الذى ستخرج به إسرائيل على العالم لتعلن نجاحها وانتصارها في حرب غزة.
لكن ماهو الأمر على أرض الواقع؟
العكس تماما هو سيد الموقف فلا تم القضاء على حماس ولا استعادة أسير واحد، ولا تم منع إطلاق الصواريخ بل تم قصف مستوطنات الغلاف من وسط قطاع غزة خلال اليومين الماضيين وتم قنص جندى إسرائيلى شمال بيت حانون بالإضافة إلى استدراج مجموعتين من الجنود إلى كمائن محكمة وسط قطاع غزة.
حماس بعد هذه الشهور الطويلة تعلن عن نفسها بشكل أكثر قوة، ويخرج أبو عبيدة المتحدث الرسمى ليعلن أن إسرائيل عالقة في رمال غزة وأن المقاومة لم توثق إلا النذر اليسير من عملياتها لصعوبة تصوير كل العمليات، وأن سلاح المقاومة لايزال يمتلك مفاجآت تكشفها الأيام القادمة.
ولم ينس ابوعبيدة أن يشق الصف الإسرائيلى بإعلان عدم اهتمام نتنياهو بقضية الأسرى وأن الاحتمال الأقرب لمصير الرهائن هو مصير الطيار الإسرائيلى رون أراد الذى لا تعلم إسرائيل مصيره حتى اليوم رغم أسره في لبنان عام ١٩٨٦.
وجاء الرد سريعا بتصاعد تظاهرات أهالى الأسرى الذين رفعوا لافتات تؤكد تخلى الحكومة الإسرائيلية عن الأسرى وتروج لشعار لقد تركتنا الحكومة وحدنا ولم نحقق الإنتصار معا.
وقامت حماس بنشر فيديو لاسير إسرائيلى يطلب فيه من نتنياهو ومجلس الحرب أن يخجلوا من أنفسهم وأن أمر الأسرى لايهمهم على الإطلاق.
وقام الأهالى بقطع عدة طرق وشوارع محيطة بوزارة الدفاع ومنزل نتنياهو.
الجهاد الإسلامي أيضا مستمرة في عمليات قصف للجنود الإسرائيليين بقذائف الهاون وكذلك استهداف صاروخى لمستوطنات سديروت ونيرعام.
ليس هذا فقط ما تجابهه إسرائيل فعلى الجبهة الشمالية صعّد حزب الله من قصفه الصاروخى بعشرات الصواريخ للقواعد العسكرية والمستوطنات فى شمال فلسطين المحتلة بعد انتهاء فترة الصبر الاستراتيجي التى انتهت بقصف إيران لإسرائيل وتلى ذلك تصعيد ملموس لهجمات حزب الله اللبناني بعشرات الصواريخ يوميا.
وهو ماقابله الجيش الإسرائيلى بقصف القرى والبلدات في الجنوب اللبنانى بعنف.
وزير الدفاع الإسرائيلي أعلن عن عمليات عسكرية واسعة ستشهدها جبهة لبنان خلال الأيام القادمة وأكد حزب الله ردا على هذه التصريحات أنه على إستعداد تام لهذه العمليات العسكرية وفى أعلى درجات الجاهزية.
وبالتواز مع حزب الله اللبناني صعد الحوثيين من عملياتهم في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندى واستهدفت سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائيلية.
وعلى طريق وحدة الساحات قامت الفصائل العراقية باستهداف القواعد الأمريكية في سوريا لتعمق المستنقع الذى تغرق فيه الولايات المتحدة الأمريكية والذى امتد إلى الجامعات التى شهدت تظاهرات ضخمة لتأييد الفلسطينيين ووقف الحرب.
وإزاء هذه التطورات قام الرئيس الأمريكى بايدن بالموافقة على حزمة مساعدات مالية وعسكرية ضخمة لإسرائيل وأوكرانيا وأعلن أنها ستصل إلى إسرائيل خلال ساعات.
جيش الدفاع الإسرائيلي أعلن عن كامل جاهزيته لاجتياح رفح في إنتظار قرار الحكومة وأوامرها وهو مانفته الولايات المتحدة الأمريكية وأنها لم يتم إبلاغهابأى عملية اجتياح لرفح وأن الرئيس بايدن أعلن عن ضرورة إجلاء المدنيين قبل أى عمل عسكرى فى رفح.
وأظهرت الأقمار الصناعية إنشاء إسرائيل للعديد من المخيمات فى خان يونس ووسط قطاع غزة تمهيدا لنقل المدنيين من رفح قبل اجتياحها.
ومن جانبها أعلنت حماس عن استعدادها التام لمواجهة الاجتياح الإسرائيلى لرفح وأنها ستكبد الجيش الإسرائيلى خسائر فادحة وستلقنه درسا لن ينساه.
ولايغيب عن المشهد إعلان الأونروا عن مجاعة وشيكة سيتعرض لها جميع سكان قطاع غزة خلال الأسابيع القليلة القادمة.
وانتقل إلى الجانب المصرى حيث أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن رفضه التام لعملية رفح داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤلياته ومنع هذه العملية التى ستؤدى إلى تصعيد إقليمي خطير.
الإتحاد الأوروبي من جهته طالب بفتح تحقيق مستقل في المقابر الجماعية بمجمع الشفاء بغزة ومجمع ناصر فى خان يونس وحدوث إنتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
واكتفى الجيش الإسرائيلى بنفى ارتكاب هذه المجازر دون تقديم دليل واحد على ذلك.
ولازلت أرى أننا بعيدين جدا عن نهاية حرب غزة وأن الأيام والأسابيع القادمة ستشهد أحداثا كبيرة ربما ترسم الخطوط العامة لمحاولة صياغة مشهد ختامى لعملية طوفان الأقصى.