طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين (24)

بيان
تطورات متلاحقة شهدتها عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة خلال هذا الشهر (إبريل ٢٠٢٤).
التطور الأكبر هو عملية استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق وهو ماترتب عليه إعلان إيران عن القيام برد على هذا الاستهداف وسحب هذا التطور حرب غزة إلى ملعب أكبر بدخول إيران على خط المواجهة المباشرة مع إسرائيل بعد أن اعتمدت طوال الأشهر الستة الماضية على الوكلاء مثل حزب الله فى شمال إسرائيل والحوثيين في جنوب البحر الأحمر والحشد الشعبى العراقى فى الشرق.
لكن القصف الإسرائيلى للقنصلية الإيرانية بدمشق جسد التحدى المباشر لإيران التى وجدت نفسها مباشرة على خط النار مع إسرائيل فأصدرت الأمر للجميع بالصمت وأعلنت أنها سترد بنفسها ومباشرة من الأراضى الإيرانية.
انتظرت إيران حتى إنتهت إحتفالات عيد الفطر وقامت بالرد الذى أثار الجدل في جميع أنحاء العالم فقد انقسم الجميع إلى فريقين اختار الفريق الأول وصف الرد الإيراني بالمسرحية التى تم الإعداد لها مسبقا بالإتفاق مع الولايات المتحدة وإبلاغها بالرد الإيراني وبموعده.
واستند أصحاب هذا الرأى إلى عدم حدوث خسائر في الجانب الإسرائيلى رغم قيام إيران بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ الباليستية.
اما أصحاب المعسكر الآخر فقد رأوا الرد الإيراني حقيقى وقوى وفعال حيث أنها المرة الأولى التي يتم فيها الهجوم مباشرة على إسرائيل من أراضى دولة معادية ويستند هؤلاء إلى استهداف قاعدتين عسكريتين أقلعت منهما الطائرات التي قصفت قنصلية ايران في دمشق.

وما عزز هذا الحديث هو إعلان إسرائيل عن إصابات طفيفة في إحدى قواعدها العسكرية.
وكان لإسرائيل رأى خاص بها، وهو ضرورة الرد على إيران لأن الهجوم الإيراني نال من الهيبة الإسرائيلية واجتمع مجلس الحرب الإسرائيلى على مدى ثلاثة أيام لبحث الرد على إيران.
اما الحليف الأمريكى فقد كان معارضا تماما للرد الإسرائيلى وخاصة بعد إعلان إيران التزامها بالرد على الرد الإسرائيلى فى حالة تنفيذه.
وشهد فجر الجمعة ١٩ إبريل ٢٠٢٤ قصف بثلاثة مسيرات صغيرة لقاعدة عسكرية إيرانية في أصفهان ولم تعلق إسرائيل رسميا على هذا القصف ولم تتبناه فى حين أعلنت إيران أن المسيرات الثلاثة صغيرة الحجم قد تم إطلاقها من الأراضى الإيرانية وقام بها عملاء لإسرائيل فى إيران وأنه تم إسقاط المسيرات الثلاثة مباشرة بالمضادات الأرضية العادية وأن أصوات الانفجارات كانت نتيجة لإسقاط المسيرات.
وكان يمكن أن يمر الأمر بهذا الشكل ولكن بن غفير الوزير الإسرائيلى كان له رأى آخر حين أعلن فى تغريدة عن وصف عملية قصف قاعدة أصفهان بأنها مسخرة مستنكرا ضعف الرد الإسرائيلى على إيران وأن الرد كان يجب أن يكون أضخم من ذلك بكثير.
الولايات المتحدة الأمريكية التى كانت حاضرة وبقوة فى التراشق الإيراني الإسرائيلي أعلنت أنها لاترغب فى مزيد من التصعيد وأن الأمر يجب أن ينتهى عند هذا الحد وصاحبت هذا الإعلان بموافقتها على عملية إسرائيلية في رفح تأخذ المدنيين بعين الاعتبار.
كما استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وعللت ذلك بأن هذا الأمر يجب أن يتم عن طريق المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.
على صعيد المواجهات داخل قطاع غزة استمرت الفصائل الفلسطينية فى المواجهات مع القوات الإسرائيلية المتوغلة فى بيت حانون وبثت القسام فيديو لقنص جندى إسرائيلى واستهداف دبابة ميركافا في حين بثت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فيديو قصف بقذائف الهاون لتحشدات للقوات الإسرائيلية.
وفى جبهة الشمال شن حزب الله أعنف موجات القصف بمسيرات لم ترصدها القبة الحديدية ولم تنطلق صفارات الإنذار عند دخولها المجال الجوى الإسرائيلى وأسفر الهجوم عن إصابة ١٤ جنديا إسرائيليا دفعة واحدة، بينهم ستة فى حالات حرجة.

وعلى الصعيد الدبلوماسى أستمر القائد الميدانى من داخل قطاع غزة يحيى السنوار والذى يدير مفاوضات الدوحة والقاهرة فى رفضه لكل السيناريوهات المطروحة وتمسكه بوقف شامل لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة والانخراط في صفقة لتبادل الأسرى.
ويبقى الموقف عند حالة التجمد والأخذ والرد فى الميدان الذى يبدو صعبا على إسرائيل التى لم تحقق هدف واحد من أهداف الحرب حتى هذه اللحظة.
وتبقى الأسئلة الأهم وهى:

ماذا بعد رفح فى حالة اجتياحها وعدم تحقيق الهدف من هذا الاجتياح؟.

ماذا سيحدث عندما تخفق إسرائيل في إطلاق سراح الرهائن والقضاء على حماس بعد اجتياح رفح؟.

ماهى الورقة التالية التى سيراهن عليها نتنياهو بعد رفح؟.

وهل ستستمر الحرب على غزة إلى مالانهاية؟.
هذا ماستجيب عنه الأيام و الأسابيع القادمة.

اقرأ أيضا للكاتب:

طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (23)

طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (22)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى