أسماء خليل تكتب: لا أصحاب ولا أعز

لم أكد أفتح أي وسيلة من وسائل “السوشيال ميديا” لأي غرض تعليمي أو ترفيهي؛ إلا ويتراءى أمامي “أفيش” فيلم أصحاب ولا أعز، أو تحليل للفيلم من أحد أساتذة علم النفس أو الشيوخ، أو فيديو ينقد ما قامت به البطلة من طرح فكري غريب علي مجتمعاتنا الشرقية!!..

وللحظة تقف – عن الفكر- مذهولًا.. متأملا.. محللًا.. ما كل هذا الزخم حول قضية بعينها.. !ولماذا يقوم البعض بعمل أشياء ويعلم علم اليقين أنه سيثير حفيظة الرأي العام، ورغم ذلك يفعلها!..

لقد اعتدنا بشكل دائم خلال السنوات الماضية، على ظهور قضية أو ظاهرة يلتف حولها المجتمع، وما يتم وضعه بالإناء ينضح بما فيه.. ولكن الملحوظ هو التردي الأخلاقي لما يتم طرحه الآن، وأيضًا زيادة سقف ما يُسمى الحرية؛ لأن ما يحدث يندرج تحت مسمى “الحرية الوهمية”.. لقد عرَّف غير العرب مفهوم الحرية على أنها “قمة المسؤولية”.. فكلما كنت حرًّا كنت أكثر شعورًا بالمسؤولية،،

فأين هي المسؤولية في القيام بعمل ينافي القيم المجتمعية ويزعزع الموروثات الأخلاقية والدينية؟!.. بل ولماذا؟!.. هل فقط لمجرد التفرد، أم لزيادة نسب المشاهدة، أم لحصد الجوائز من جهات لها معايير تقيمية مختلفة منفتحة..

لقد كان التحفظ في السينما – قديمًا – على نوعية الملابس التي ترديها بعض الممثلات، أو بعض الألفاظ الخارجة، والتي كانت الرقابة تقوم بمنعها.. أما الآن فقد تخطى التحفظ الأزياء و الكلمات، لقد أصبحت المواجهة أمام عدو جديد، وهو الغزو الفكري لأجيال من الشباب غاب عنهم القدوة، وأضحت الشاشات بمختلف انواعها ملاذهم ومرجعيتهم الفكرية.

لقد قام العلماء في أحد السنوات بوضع طفلًا رضيعًا بالغابة، واتخذوا من تلك الغابة بيتًا وسكنا بل ودنيا له، فنمى الطفل وهو لا يعلم سوى تلك الحيوانات؛ يحذو حذوهم، يصدر أصواتا للتواصل مع أصدقائه، يصطاد حينما يجوع تكيفًا مع البيئة.. فأي من البيئات نُعدها- الآن- ليعيش أبناؤنا بها ويحاكوها؟!..

السينما والمسرح هما مرآة المجتمع؛ فهل يصح أنه كلما نظر الشباب لتلك المرآة ليروا صورهم في أزهى حال، فترتفع روحهم المعنوية ويصبحوا أفرادًا منتجين نافعين لمجتمعاتهم؛ أن يروا انعكاسا لصورهم تُمهد للاعتراف بالشذوذ والمثلية…. إلخ.. على أنها باتت رواسخًا لجعلها ظواهرًا يتقبلها المجتمع.

إذا كان كل راعٍ مسؤولٌ عن رعيته؛ فالمخرج القائم على العمل الفني راع.. والمنتج راع.. والأبطال راعون.. ومن سنَّ سنةً سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها، ومن سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها.

حينما طرحت إيران بعض المسلسلات مثل “أهل الكهف”، و“يوسف الصديق”؛ أثنى على تلك النوعية أكثر أ فراد المجتمع، بل وأثني عليها رجال الدين، لما تقدمه من قيم ورقي فكري ومتعة وترفيه، ورغم ذلك حينما تنهي المشاهدة تشعر بأنك استفدت كثيرا وتحمست للعمل الديني والدنيوي، ولسنا بصدد ما تقوم به البلد من الناحية السياسية، المثال فقط لنجاح دولة في تقديم فن يجمع بين المتعة والاستفادة.
إنَّ الآداة المستخدمة واحدة في كل العصور، ولكن المختلف هو كيفية استعمالها؛ فبإمكانك أن تمسك قلما تكتب به شعرا يهذب النفوس، وبإمكانك أن تكتب به رسالة تقلب الدنيا رأسًا على عقب.. بل بإمكانك أن تُمسك سكينًا تقطع به تفاحة تكسبك العديد من الفيتامينات والعناصر الغذائية، وبإمكانك أن تذبح بها شخصا ربما كان راعيا فَتُمِيتُ شعبا.

اقرأ أيضا للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى