أسماء خليل تكتب: صَدَقَ النرجسيون وكَذِبَ «سام ڨـاكنين»

حينما يتراجع بُوق شيطان الجن الذي يُسّلِّطُهُ – دائمًا – في آذان بن آدم؛ يأتي الدور الأعظم لشيطان الإنس ليدلُو بدلوِهِ في آذان البشرية؛ فما بَرَحَتْ الدعوات المُتلاحقة حول نبذ “النرجسيين” في تزايد مُستمر، ومازال لها مُريديها اللائي يلمس ذلك الطرح أوتار قلوبِهِنَّ بل آلامهِنَّ وآمالهِنَّ.

“الرَّجل الشيطان الأعظم” هو المصطلح الموازي لـ“الزوج النرجسي” حاليًا، وكأنه اختراع وًلَّدَهُ العصر الحديث بما يحويه من مُستجدات؛ بَيْدَ أنَّ تلك الشخصية بما تحويه من صفات ليس غريبًا على أمهات وجدَّات الماضي، فالنرجسي بلغة المُثقفين – الآن – هو الأناني في سابق العصر والأوان.. شديد الغَيْرة.. العصبي جدًّا.. ربما الذي يُمارس قهرًا لفظيًّا على المرأة.. هو الذي يترك مسؤولية الأبناء لشريكته.. ربما هو من يعرف امرأة أخرى..وربما….. إلخ،،

“اهربي من تلك العلاقة السَّامَّة” ها هي النصيحة التي يتبناها أصحابها ممن يقومون بعرض أُطرُوحاتهم عبر “الفيديوهات” بالقنوات الخاصة بهم، ويريدون تطبيقها على كل النساء.. لماذا لم تهرب أمهات الماضي؟!.. كيف تهرب أم الزمن الحالي وهي تحمل بِجُعبَتِها ثلاثة أو أربعة أبناء فوق ظهرها مُتسلقةً جبل الحياة لاهِثةً تبحث عن المادة، تائهةً وسْطَ دروب الدُّنيا!!..

وتأتى فلسفة الرجل الذي داعب الحياة بابتسامةٍ يزرعها في قلوب مُشاهديه، إنه الدكتور “ مبروك عطية” فيلسوف العلاقات الزوجية، فيقل لمن تريد الطَّلاق لعِلَّةٍ في زوجها: “ هو دا اللي في السوق يا بت”؛ لتضحك المرأة ضحكًا بمذاق الألم، وما بين تَهدُجِ صوتها المُنتحِب يأتي صوت الحياة.. حقًّا أين هو الزوج المثالي ذو التربية الشرقية الذي لا يحمل أفكارًا نرجسية ربَّاهُ مُجتمعٌ كان بعهدٍ ليس بالبعيد يقوم بوأد المرأة!.. أين تهرب؟!.. هل تهرع من انعكاس بعض سمات زوجها أبو أولادها، لتُلقِي بنفسها بين يدي نرجسي آخر ولكنه ليس بأبو أولادها!،،

ثُم تتوالى الأفكار الهدَّامة ليحاول أربَابُها تأكيد ما يُسمونه بالثوابت الفكرية، ليقولوا لتلك الزوجة “لا علاج للنرجسي”، والدليل على ذلك – من جهة نظرهم – حالات لبعض الأشخاص الغربيين ومن أشهرهم “سام ڨاكنين” الذي يعترف في “ڨيديوهات” أنه نرجسي ويشرح بشكل عملي سمات شخصيته ومدى بشاعته وكيفية معاملته “ المُتدنية” للمرأة.. ولو أنَّ المُستمع يعي ويحاول إعادة الفهم مرة أخرى، لتذَكَّرَ أنَّ هؤلاء المُتحدثين أكدوا أن النرجسيين استحالة أن يعترفوا بما لديهم من اعتلالات نفسية إن جاز التعبير..

مهلًا.. لنتوقف قليلًا.. من هو “سام ڨاكنين”!.. إنَّه كاتب “إسرائيلي” وأستاذ علم النفس، ومؤلف كتاب “الحب الذاتي الخبيث”، “النرجسية مجددًا”، وكان آخر رئيس تحرير للموقع الإخباري السياسي المنحل “جلوبال بوليتيتشيان”..

لقد آن الأوان لوضع نقطة ولنبدأ من أول السطر.

إنَّ الرجل الذي قام الشارحون باستقاء توصياتهم المُوجهة للمرأة “إسرائيلي الجنسية”.. فهل من العقل أن نقوم بمُعالجة القصور بالحياة الزوجية استشهادًا بالخبرات الحياتية لذلك الرجل؟! ..

إنَّ جميع الأديان السماوية أكدت أن الدنيا ليست “جنَّةَ الله على الأرض”، بل هي دار ابتلاء وأمل وعمل.. والزواج ليس بالتجربة السهلة، ولكنه الأكثر تعقيدًا على الإطلاق بين العلاقات الإنسانية.. اثنان يعيشان طوال الوقت بنفس المكان وكل منهما يريد أن يتصرف الآخر بما يتناسب مع أهوائه الشخصية وحالته المِزاجية.. إنَّ المرأة لها ما لها وعليها ما عليها وكذلك الرجل، فمزيدًا من الصبر والحنكة تسير مركب الحياة طالما أنَّها تتفادى اتجاه الريح،،

عزيزتي الغالية، ليس هناك من هو خالي من الاعتلالات النفسية فقد نحتت الظروف البيئية ما نحتته من قصورٍ في شخصية كل إنسان على وجه الأرض، فَسَدِّدِي وقَارِبي؛ فإذا كان زوجكِ عصبيًّا يُقلِّل من جُهدكِ لديه بُخل عاطفي… إلخ.. فتجنبيه وقت غضبه وابحثي عن كيفية التعامل مع الرجل الذي يملك هذه الصفات، بدلًا من البحث عن تفسير لتلك الشخصية التي “ليس لها علاج أبدًا” على حد قولهم!!.. وهذا ينافي – بالطبع – ما ذكره النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – بحديث صحيح أخرجه ابن حبان “ تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داءً إلا وضع له دواء”، فإذا كانت الزوجة صادقة العزم والنِّيَّة في محاولتها علاج زوجها فسوف يوفقها الله.

أيَّتُها المرأة الرقيقة الذكية..لا تنشغلي بالمُسميات وتُضَيِّعين وقتكِ في البحث عن كنه أشياء ليس منها جدوى، ماذا فعلتِ بعد سماع كل الإرشادات التي نصح بها القائمون عليها، فقط زاد ألمُكِ وربما طلبتِ الطلاق وأنتِ الآن تعيشين في متاهة الحياة..

اسْعَدي بما لديكِ وحاولي بكل طاقتكِ إصلاح أحوالكِ، واصبري واحتسبي خيرًا من التنمُر الأعمى الذي يُودِي بكِ نحو الهاوية..حاولي رؤية الحياة من خلال بصيص الأمل.. ثُقب ضيق ولكن منه النجاة والمَخرج.. عالجي قصور شخصيتكِ أنتِ.. ازرعي ورودًا ولا تقتربي من أشواكها.

أنتِ المرأة ابنة عام ٢٠٢١ كاملة الحقوق حُرَّة قوية.. لديكِ كامل الاستحقاقات وقام كل العالم بإنصافكِ.. اعملي في صمت ولا تنتظري ثوابَا من البشر، فليس لديهم ما يمنحونه لغيرهم.. أطيعي زوجكِ وقومي برعاية أبنائكِ مهما كانت المُعوِقات، ليس من مُنطلق الخُذلانِ والضعف ولكن من مُنطلق العقل وسلامة الفكرِ والقوة.

اقرأ أيضا للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى