عاطف عبد الغنى يكتب: حوار القائم بأعمال المرشد.. وحكاية الدكتور جيكل والسيد هايد
قراءة فاحصة للحوار الذى أدلى به إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين “الإرهابية، والمحظورة، والمنشور قبل ساعات، لوكالة “رويترز” سوف يكشف بالضرورة عمق إحساس التنظيم الإرهابى بالهزيمة، مع محاولة القائم بالأعمال، على تصدير خطاب “تجميلى” لكل الأطراف المؤيدة قبل المعارضة والداخل قبل الخارج، فى محاولة منه لحلحلة الوضع (المأزوم بشدة) داخل الجماعة وخارجها.
وإذا تثنى لك الاطلاع على الحوار سوف تضبط منير، زعيم جناح الخارج، وممثل الجماعة فى التنظيم الدولى، والقائم بأعمال المرشد العام (مقابل جناح التنظيم المعارض فى تركيا، والذى يتزعمه محمود حسين)، يمارس فعل الكذب الفاضح فى محاولة مكشوفة منه، وبالطبع هو يفعل ذلك لتجميل وجه الجماعة، وتصدير انطباع إيجابى لقارىء الحوار، مستهدفا بالأساس وسائل الإعلام الغربية، وخاصة المساندة للجماعة منها، التى سوف تروج للحديث، وتتاجر به، وتقلبه على كل الأوجه، وتأوله تأويلات شتى، وكذا تحاول أن تستخدمه للهجوم على مصر، والسلطة الحاكمة، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى.
ودعونا نقرأ بعض نصوص منير دون تجزئة، أو تأويل ونرى ما وراء إجاباته، ومرامى عباراته.
يقول منير فى الحديث إن “الجماعة لن تدخل في صراع جديد على السلطة بعد الإطاحة بها قبل 9 سنوات، رغم أنها لا تزال تحظى بتأييد واسع”.
التعقيب: هو يعرف بالتأكيد أن الجماعة لا حظ لها الآن فى المنافسة أو الصراع على السلطة على أى المستويات، لا بممارسة السياسة، ولا بالقوة، ثم أن جماعته لا تحظى إلا بتأييد أتباعها المعروف منهم وغير المعروف (من الخلايا النائمة)، وهم على أكثر تقدير لا يزيدون على نصف فى المائة من تعداد المصريين الذى اقترب من 120 مليون نسمة، فى الداخل والخارج، وهذه الجموع من المصريين ما زالت على موقفها الذى أعلنته مقابل الجماعة قبل 9 سنوات، ولربما زاد هذا الموقف الرافض للجماعة وتنظيمها وفكرها الإرهابى، بعد أن انكشفت، بل توثقت هذه المواقف عبر السنوات التسع التى تلت ثورة 30 يونية 2013 وزادت رسوخا..
يقول منير: “فازت جماعة الإخوان بأول انتخابات رئاسية حرة في مصر عام 2012 ، لكن الجيش أطاح بها بعد عام من توليها السلطة في أعقاب احتجاجات ضد حكمها، وتواجه منذ ذلك الحين حملة قمع قاسية”.
التعقيب: الشعب المصرى الذى يندرج فى معيته الجيش المصرى (الوطنى)، الذى لا يعرف طائفية، ولا عرقية، ولا أدلجة، هو الذى أطاح بالجماعة (غير الوطنية)، وذلك بعد أن انكشفت من خلال أفعالها وسياساتها، وسلوكها، أنها تعمل ضد الأمن القومى المصرى، وأنها ذاهبة بالبلاد نحو المذهب الذى يخطط له أعدائها، فى الخارج، وفى الداخل كانت تقود البلاد إلى حرب أهلية عبر ترسيخ الانقسامات، والطوئفة، والفتنة العقيدية، والاستقطاب الأيدولجى الحاد، الذى صدره الأعداء من الخارج، وأحيته الجماعة فى الداخل بشدة غبائها، وعمى قلبها، أما أن الجماعة تعرضت للقمع، فهذا القول ينقلنا إلى الآتى من كلام.
يقول منير: “نرفض العنف نهائيا ونعتبره خارج أيديولوجية الإخوان المسلمين، ليس فقط أننا نستخدم العنف أو السلاح، بل حتى أن هناك صراعا على الحكم في مصر بأي شكل من الأشكال”.
التعقيب: نقول له كما يقول المصريون “كداب فى أصل وشك” ووقائع فضح كذبك لا تكفيها عشرات الأحاديث، ولا آلاف الكلمات يمكن أن تغطى سيرة الإرهاب والعنف، وقساوة الفعل، وموت الضمير، وسواد القلب، الذى تعاملت به الجماعة مع كل المصريين، فى محاولاتها اليائسة للعودة إلى السلطة، التى فقدوها بإرادة شعبية خالصة.
ولن تمحى كلمات منير وجماعته الإرهابية سيرة الضحايا الأبرياء الذين سقطوا جراء إجرام الجماعة من المدنيين، ورجال الجيش والشرطة.
قال – أيضا – منير فى حواره لـ “رويترز” إن “الحوار السياسي المتوقع أن يبدأ خلال أسابيع بين الحكومة وجماعات معارضة مختارة ليس مبادرة جادة ولا يمكن أن يحقق نتائج إذا تم استبعاد الإخوان أو غيرهم منها”.
وتابع: “الحوار مطلوب وصحيح ، لكن يجب أن يشمل الجميع أيضًا، لكن المنسق العام للحوار قال إن الإخوان المسلمين لا يمكنهم المشاركة لأن أيديهم ملطخة بالدماء”.
التعقيب: هذا هو مربط الفرس، والغرض الأساسى من حوار منير مع “رويترز” وغيرها من وسائل الإعلام، وبعبارة أخرى هى مناورة من الجماعة الإرهابية لعلها تنجح فى العودة إلى المشهد السياسى، أو تتصالح مع الدولة المصرية لتعود وتمارس نشاطها مرة أخرى على الأرض، ولكن هيهات، مصر لن تقبل بمن تلطخت أيديهم بالدماء، وأوغلت فى دماء المصريين الأبرياء، الذين لا تعتبرهم الجماعة الإرهابية مسلمين، ولا إخوان، لأن “المسلمين والإخوان” فى عرفها هم من بايعوا الجماعة، ومرشدها وفارقوا من دونهما، حتى ولو كانوا أمهاتهم وآبائهم.. والجماعة وعلى رأسها – الآن – إبراهيم منير، أو محمود حسين، أو المرشد، أو أيا من يكون، جماعة دون وطنية، عابرة لمفهوم الدولة ، متمسكة بوهم الخلافة السياسية، وليست الدينية، والخطاب الذى يجب أن يوجه إلي الجماعة يجب أن يكون بالمثل، نحن لا نعترف بكم، وأنتم لستم منا، ولا هذا الوطن وطنكم، فاذهبوا بعيدا عنا واتروكونا وحالنا.
أما أهم ما فى حوار منير فهو اعترافاته الصريحة التالي نصها:
قال منير: “الجماعة عانت من انقسامات داخلية حول كيفية التعامل مع الأزمة، واختيار دليل جديد سيتم عندما يستقر الوضع”.
وقال إن التحول الدبلوماسي في الشرق الأوسط أدى إلى تفاقم التحديات التي تواجه جماعة الإخوان المسلمين، عندما قامت دولتان منحتا اللجوء لأنصار الإخوان في العقد الماضي، تركيا وقطر، بإصلاح العلاقات مع محور دول ملتزم بسحق الجماعة، بما في ذلك مصر وقطر. الإمارات والسعودية”.
وأضاف: “طلبت تركيا العام الماضي من القنوات التلفزيونية المصرية المعارضة العاملة على أراضيها تخفيف الانتقادات للحكومة المصرية في وقت كانت تسعى لإعادة بناء العلاقات مع مصر”.
وعلى الرغم من هذه الاعترافات فمازالت الجماعة عبر القائم بأعمال المرشد “تكذب وتتجمل”، وتحاول أن تصّدر صورة لا تعكس التشوهات الرهيبة التى أصابت الجماعة، وأصابت علاقاتها بالسلطات فى كلا من قطر وتركيا اللتان ضاقتا ذرعا بالجماعة التى لا تعرف معنى للوفاء لا لحليف ولا أليف.
وأعتقد أن الوصف المثالي لحوار إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ينافح عن الجماعة “الإرهابية، والمحظورة” هو أنه يظهر قناع الدكتور جيكل الطيب الذى يتحول فى مختبره (المعمل) إلى شخص أخر شديد الإجرام هو هايد، وذلك بعد أن يتناول مصل دم التحول فى القصة الشهيرة التى حملت عنوان “قضية الدكتور جيكل والسيد هايد الغريبة”.