أحمد عاطف آدم يكتب: هوجة «الكورسات» والإعلانات الممولة

ظاهرة عشوائية بغيضة تجتاح العالم بأسره وهي الإعلانات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وشرطها الوحيد للظهور هو” إدفعلي تجدني”.

“كورسات” تنمية بشرية، ودبلومات لقيطة، لا يعرف العلم لها أصلًا ولا قيمة، بالإضافة لسلع لا تناسب تركيبتنا المجتمعية وقيمها المحافظة.

وبسبب هذه النوعية الإلكترونية من الإعلانات الخارجة عن السيطرة، تخدم فقط المُعلِن الذي لديه استعداد أن يدفع المقابل المطلوب، نظير لصق ما يريده من معلومات بأذهان المعلنين المستهدفين من جمهور تلك المواقع، في أي مكان وبأي صيغة يريدها.

ولا يهم القائمون علي الوسائل المعلنة صدق صاحب الإعلان الذي يعرض سلعته علي ملايين البشر ومن أعمار مختلفة قدر دفعه “المعلوم” مقدمًا.

أحد أصدقائي المقربين حكى لي أن ابنته الجامعية طلبت منه مبلغًا من المال للاشتراك في “كورس” تنمية بشرية، فسألها هل تعرفي المحاضر أو سمعتِ عنه من قبل؟! ، فأجابته بأنها بحثت  فقط على “جوجل” عن دورات تنمية بشرية ثم اختارت أقربها لمنطقتهم.

وبحكم أن هذا الصديق أستاذًا جامعيًا ويهمه أن يطمئن لقدرات القائم علي الرسالة العلمية التي ستتعرض لها ابنته ومدى كفاءته قرر أن يذهب معها لمقابلته في ظل هوجة منتحلي الشخصيات العامة وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات وأصحاب درجات الدكتوراه المزيفة ماركة “بير السلم”.

ويضيف الرجل فى حكايته قائلًا: تفاجأت بأنها عبارة عن سبوبة بدأت بإعلان ممول علي مواقع التواصل و”جوجل”، بطلها موظف بأحد الشركات الحكومية يعمل بعد انتهاء ورديته الميري خبيرًا للتنمية البشرية بسنتر قريب من أحد المولات الشهيرة ويطلق على نفسه الدكتور فلان، ولا يمتلك مؤهلًا جامعيًّا، وعندما سألته عن شهاداته وخبراته تطاول واعترض على تشكيكي وتعطيلي له، ثم تأكدت بعدها من حقيقته عن طريق أحد عمال “السنتر” المخلصين الذين ينطقون بالحق نظير مقابل مدفوع الأجر، فأبلغت عنه وعن السنتر.

في النهاية… ربما يجد البعض أن اعتراض طريق الأبناء في تحصيل العلم غير مقبول – بل يجب تركهم يختارون ما يناسبهم من دراسات حرة لاكتساب مزيدًا من المهارات والعلوم التي تتوافق مع ميولهم وقدراتهم.

وهذا بكل تأكيد يبدو منطقيًا – لكن من وجهة أخري لا يصح أن نغفل وجود بائعي المحتوى الإعلاني وزبائنهم المتربصين بمادتهم العبثية دون مراجعتها وتثمين مردودها، فنترك بذلك عقول وجيوب أبنائنا فريسة لمن يستبيحها دون فائدة، لأن تأثيرهم يشبه نفس المفعول الضار والتافه لمشروبات الطاقة وحقن نفخ العضلات.

اقرأ أيضا للكاتب:

 أحمد عاطف آدم يكتب: «الميتافيرس».. واقع افتراضي وليس مفروضا

أحمد عاطف آدم يكتب: ميزان الشهرة بين التفرد والتفاهة

 أحمد عاطف آدم يكتب: «شافت حظها تربي عيالها بقى»

زر الذهاب إلى الأعلى