أسماء خليل تكتب: أخطاء المهنة
“في طريقي نحو التعلم حتى أقف على أرض صلبة ”..تلك الجملة الشهيرة التي تطل الكثيرين في بداية ممارستهم لمهنهم التي قرروا امتهانها، أو فرضتها عليهم ظروف الحياة ..
ولكن كم مِن ضحية يتم الفداء بها من أجل أن يكون ذلك المُبتدئ حاذقًا بمهنته ممتلكًا أدواته؟! ..
كم من مريضٍ تم استئصال “الزائدة الدودية” له بسبب التشخيص الخاطئ، وقد يظل الألم كما هو بعد إجراء الجراحة، ليتضح أن لديه حصوة بالكلى وقد تشابهت الأعراض في كلا الحالتين!..وآخر ظل لسنوات يتناول دواء لتقوية عضلة القلب، ليتضح فيما بعد أن الأمر لم يكن متعلقًا بالقلب، بل إن لديه اكتئابًا نفسيًّا سبَّبَ لديه ضغطًا على القلب فجعله يلهث بأنفاس مُتلاحقة جراء ممارسة أقل مجهود، والأمثلة كثيرة جدا، وحين مواجهة الطبيب المسؤول، سرعان ما يقول “أخطاء المهنة”..
وها هو موكِّل قد خسر قضيته لأسباب واهية بسبب عدم اهتمام ودراية المحامي بالدفاع عنه وتجميع أدلة وبراهين قوية، وربما بعد ذلك يتعلم ولا يقع في ذلك الخطأ، ولكن بعدما يكون قد أأضاع الكثير من حقوق البشر، وتظل الحجة الوحيدة التي تجري على لسان الجميع حين المواجهة، هي أخطاء المهنة..
كم مرة سمِعت مُمثلة أو مُمثل أو مخرج سينمائي، يقول فعلتُ ذلك العمل من أجل “الانتشار”، وفي الطريق نحو معرفة البشر إياه، يتناسى أنه قد يقتل الكثيرين معنويا، وربما مشهد تمثيلي واحد يؤدي بشاب أو فتاة إلى الانتحار ..فمن المسؤول؟!..
ذلك المُعلم الذي هو قدوة للمجتمع، قد يتنمر على الطالب بسبب سُمرة البشرة، أو قدراته العقلية المُتدنية التي تؤدي إلى سوء فهمه، وذلك المقاول الذي ليس لديه خبرة بشؤون البناء -في بداية حياته العملية- فيرفع قواعد بناءٍ في طريقه نحو الانهيار عاجلًا أم آجلًا !..
وعلى مستوى الوظائف الحكومية، فحدِّث ولا حرج عن أخطاء وإهمال نتاج شعور الموظفين الدفين بتقلدهم المناصب كإرث وحق مكتسب لايمكن أن يُزعزعهم أحد عنه مهما فعلوا..تعطيلٌ للمصالح..قرارات خاطئة..عدم فهم جيد للأمور ..وفي النهاية مواطن مكلوم قد لحقت به أضرار جسيمة جراء أخطاء المهنة ..
ليس بإمكان المُشرع لقانون أي دولة بالعالم، أن يضع قوانينًا رادعة للنوايا السيئة للبشر؛ سوى “القانون الإلهي”..
إنه الضمير ..الوازع الديني ..الحرص على الناس وأرواحهم ومصالحهم، فالله -سبحانه وتعالى- يُثيب البشر على حُبهم لأخوتهم كحُب أنفسهم ..
لا تمتهنوا المهن وأنتم غير مُدربين بشكل جيد ..لا تتقلدوا المناصب وأنتم لا تعرفون كيف تُديرون بيتًا..تعلموا وتثقفوا حتى تفيدوا مجتمعكم ولا تضروا أهل الأرض؛ فمن سقى زرعته بماءٍ كثير- لسوء فهمه بطبيعتها- ماتت!.