أسماء خليل تكتب: وظائف خالية

ما برحتَ ترى في الأيام القلائل الماضية إعلانات تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي لـ“روبوتات” شكلها كالإنسان تمامًا وتقوم بكافة الأعمال المنزلية، ولا تجعل المرأة تفعل أي شيء بمنزلها؛ وبهذا لا يلزم ربة المنزل أو المرأة العاملة أن تستقدم من تساعدها في بعض الأعمال المنزلية، وبالطبع سوف لا تجد كثيرات – ممن لا قوت لهن- سواءً جليسات أطفال أو عاملات نظافة ما تقتنَ منه.

إنها أكبر حرب عالمية طرفاها هما الإنسان وأخيه الإنسان؛ إذ بات يحارب نفسه بتلك التكنولوجيا الحديثة.. لقد أصبح الروبوت أيضًا هو النجار والترزي والخياط والميكانيكي؛ والأكثر في الصناعات الثقيلة، فالروبوتات بإمكانها القيام بأكثر من ٧٠% من أعمال صناعة السيارات كاللحام والشد والصبغ والفك والتركيب، بل وتقوم بسمكرة السيارة كأمهر مهندس..

الطامة الكبرى أن هذا الروبوت بإمكانه العمل ٢٤ ساعة، دون راحة.. دون أجر.. دون طعام.. دون مراوغة ولا توقف ولا جدال.. ينفذ الأوامر وفقط..

ومع انتشار تلك الروبوتات ووصولها داخل المنازل العالمية بذلك الكم الرهيب، بدأت كثير من الدول فى الاستغناء عن اليد العاملة، فإنها تعمل على مدار الساعة وتقلل الأجور وتزيد الإنتاج، وهذا مكسب حقيقي لكثير من الأشخاص، ولكن المؤسف أن الكثير من العمال تم فصلهم والباقون وظائفهم مُهددة، مما يزيد من نسبة البطالة يومًا بعد يوم..

تكديسٌ لأموال الأغنياء، وأزمات متتالية للفقراء، فمنذ 50 عامًا كان يلزم لبناء منزل ابتداءً من حفر الأثاث إلى الصب والبناء، أكثر من 20يومًا، بعمالة تصل إلى عشرات العمال، بينما اليوم تكفي ساعتان بآلة حفر واحدة، تحفر الأثاث بساعتين فقط..
أوقفوا تلك المهزلة..

ستغزو الروبوتات العالم وتقضي على الإنسان.. سيختل التوازن البيئي بسبب ما يفعله الإنسان من تقدم تكنولوجي يصيب البشر بالكسل والبطالة وتوقف الإبداع..

ورغم كل فرص العمل التي تجتاح شبكة الإنترنت؛ إلا أنها لا تكفى للجميع، بالإضافة إلى أنها لن تكون منحة إلا للمثقفين وربما البارعين بفنون التكنولوجيا وإدارة الأجهزة الحديثة، كالبرمجة والمحاسبة والتصميم والتسويق الإلكتروني والكتابة.

ربما تختفي الأيدي العاملة ويختفي معها البشر وخاصةً بالقارات الفقيرة التي كانت تعتمد على الأعمال اليدوية في التربح من أجل المعيشة، فربما يعتقد البعض أن فترة البناء والتشييد قد انتهت ليحل محلها الراحة والسعادة، ولكن هذا هو الخطأ بعينه؛ إذ أن السعادة الحقيقة في العمل وما يتبعه من فترة راحة ليبدأ مرة أخرى..

غدًا ستصبح هناك “وظائف خالية”، وهي جمع القُمامة، وتنظيف السلالم، والنصب والسرقة، وجليسات منزل لراحة الروبوتات، والدجل والسحر والشعوذة؛ إذ أنه ليس بإمكان الآلة أن تُحضر عِفريتًا لأنها الجن نفسه..

اقرأ أيضا للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى