مختار منير محمد يكتب: ما بعد «فيتو» روسيا

أحبائي وأقراني جيل التسعينيات.. في البداية أنا مشفق علينا جميعاً بسبب ما مر بنا من أحداث، وقد صرنا نري أشياء لم نتعرض لرؤيتها من قبل، بل إنها كانت بعيدة كل البعض عن أذهاننا.

تارة يداهمنا فيروس لم نشهد أو نعاصر مثله من قبل، حقيقته تائهة بين القيل والقال، فهناك من قال أن هذا الفيروس هو نتاج بشري بحت وإنها حرب بيولوجية بين الدول، وهناك من قال أنه بسبب طائر وأنا اتساءل: ما ذنب الطيور من الأساس؟!.. ولعلك تتفق معي أيها القارئ في هذا التساؤل!

ونتيجة لهذا الفيروس اللعين أن الكثير منا فقد بعض من أحبائه وأصدقائه سائلين المولي عز وجل أن يتغمدهم برحمته الواسعة.
ثم سرعان وأنت تشاهد معي الآن المجتمع الدولي يمر بأحداث سريعة ومنها في الوقت الراهن الحرب بين روسيا وأوكرانيا
ولمن لم يعرف فدولة أوكرانيا هي إحدى دول الاتحاد السوفيتي وهي تقع في شرق أوربا وتحدها روسيا من الشرق وبيلاروسيا من الشمال وحصلت أوكرانيا على الاستقلال بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991.

النظام التشريعي في أوكرانيا عبارة عن جمهورية ذات نظام تشريعي مختلط نصف برلماني ونصف رئاسي مع فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويتم انتخاب الرئيس بالاقتراع الشعبي لمدة خمس سنوات.

تعاني أوكرانيا من أزمة سياسة منذ 2014 حيث قامت روسيا بالسيطرة على شبة جزيرة القرم وكان هذا بمثابة إنذار شديد اللهجة إلى أوكرانيا إلا أن أوكرانيا لم تع هذا الدرس وحاولت الانفصال عن أصلها العرقي الروسي منذ هذا الانفصال وأبدت رغبتها في الانضمام لحلف شمال الاطلسي (حزب الناتو) بمساندة الولايات المتحدة.

وحلف الناتو هو نظام للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.

وشاهدنا نتيجة لذلك دخول القوات الروسية إلي دولة أوكرانيا في مشهد يوحي أننا على مشارف حرب عالمية جديدة!

وقام الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) بالتنديد بما يحدث طالباً تدخل مجلس الأمن ويعتبر مجلس الأمن من أهم أجهزة الأمم المتحدة

ويتكونمجلس الأمن من خمسة عشر عضواً منهم خمسة أعضاء دائمون، هم: الصين، وفرنسا ، وروسيا ، والمملكة المتحدة ، والولايات المتحدة الأمريكية وهذه الدول لها حق الفيتو والذي بموجبه يمكنهم  حجب أي قرار موضوعي ويمنعوا تمريره.

كما أن الهدف الرئيسي الذي من أجله تم تأسيس هذه المنظمة هو حفظ السلم والأمن الدوليين، ولكي يستطيع هذا الجهاز القيام بدوره سمح ميثاق الأمم المتحدة له بحق إصدار القرارات الملزمة وسلطة التدخل في المنازعات الدولية، سواء وافق عليه الدول المتنازعة أم لا وهذا طبقاً لأحكام المواد 39 و 41 و42 من ميثاق الأمم المتحدة.

وكان هناك جلسة طارئة لمجلس الامن بخصوص هذا الشأن يوم السبت 26/2/2022 تحت مسمي (جلسة الأمن الدولي بشأن أوكرانيا)، وقالت المندوبة الامريكية خلال الجلسة “إن العملية العسكرية ضد أوكرانيا غير مبررة وأن موسكو اختارت انتهاك القانون الدولي” وأضافت قائله “أن مشروع القرار المقترح يهدف لإدانة الهجوم الروسي والتأكيد على سيادة أوكرانيا ووحدتها”.

وقالت المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة “إن قرارنا الذي نصوت عليه اليوم يؤكد وقوف العالم بجانب الشعب الأوكراني”
وقامت روسيا باستخدام حق الفيتو باعتبارها عضو دائم من الأعضاء في مجلس الامن مما منع تمرير مشروع القرار.

وعقب ذلك جاءت تصريحات شديدة اللهجة من السفيرة الأمريكية ليندا توماس – جرينفيلد، حيث قالت “لم تستغرب أن تمارس روسيا حق النقض (الفيتو) اليوم في “محاولة لحماية الحرب الروسية المتعمدة ودون سابق استفزاز وغير المبررة وغير المعقولة على أوكرانيا”

واستمرت قائله مخاطبة روسيا: “يمكنكِ استخدام حق النقض ضد هذا القرار، لكن لا يمكنك استخدام حق النقض ضد أصواتنا. لا يمكنك نقض الحقيقة. لا يمكنك نقض مبادئنا. لا يمكنك نقض الشعب الأوكراني. لا يمكنك نقض ميثاق الأمم المتحدة. ولن تنقضي المساءلة.”

وبعد استخدام روسيا حق الفيتو فمجلس الامن له العديد من السلطات الأخرى ومنها دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد دورة خاصة” ويكون للدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 تتخذ موقفا بشأن الأمر المعروض وإذ لجأ مجلس الأمن إلى هذه الآلية فحينها لا يمكن لجوء أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن إلى حق النقض (فيتو).

وتصدر الجمعية العامة قراراتها في المسائل العامة بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين المشتركين في التصويت. ومن بين هذه المسائل: التوصيات الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولي.

ولا شك عزيزي القارئ، أنه منذ زمن بعيد والبشرية أصابت من الحرب هلاكاً ودماراً وعلى الرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة قد حرّم استخدام القوة في العلاقات الدولية إلاّ في حالة الدفاع الشرعي أي عندما تتعرض الدولة لعدوان خارجي، إلا أن الدول تستخدم القوة لحل منازعاتها إلى الآن!.

ومجلس الأمن، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، عليه أن يتخذ تدابير إنفاذ لصون السلام والأمن الدوليين أو إعادة إحلالهما.

وتشمل تدابير الجزاءات، بموجب المادة 41، مجموعة واسعة من الجزاءات التي ليس منها استخدام القوة المسلحة، ونحن الآن في انتظار ما سوف يسفر عنه مساعي مجلس الأمن في حل هذا النزاع.

وفي النهاية يقول الشاعر محمود درويش “ستنتهي الحرب ويتصافح القادة وتبقى تلك العجوز، تنتظر ولدها الشهيد وتلك الفتاة، تنتظر زوجها الحبيب وأولئك الأطفال، ينتظرون والدهم البطل لا أعلم من باع الوطن! ولكنني رأيتُ من دفع الثمن”.

حفظ الله بلادنا مصر من كل سوء وتمنياتنا أن يعم السلام سائر أنحاء العالم.

طالع المزيد:

 

زر الذهاب إلى الأعلى