د. محمد ابراهيم بسيوني: إما مقاومة المضادات الحيوية أو العودة لعصر الإصابات الطفيفة القاتلة

كتب: على طه

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن مقاومة المضادات الحيوية‬⁩ أزمة عالمية‬⁩ (على مستوى تغير المناخ) تهدد الطب وصحة الإنسان والحيوان.

وفى هذا الصدد يقول د. محمد ابراهيم بسيوني، أستاذ الطب بجامعة المنيا، إن مقاومة المضادات الحيوية تحدث بشكل طبيعي، ولكن وتيرة عمليتها تتسارع بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها للإنسان والحيوان.

طالع المزيد:

ويوضح د. بسيونى قائلا تخيل أن نعود إلى زمن كان “خدش” أو التهاب في الأسنان يودي بحياة الناس في العديد من بلاد الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية، وهذه الظاهرة تتفاقم يوم بعد يوم.

وخلال السنوات الماضية وثقنا ظهور بكتيريا مقاومة لأهم المضادات الحيوية التي تستعمل فى الأمراض المستعصية.

وعلاج هذا الأمر يجب أن يكون أولوية قصوى، ويقتضي قوانين والرقابة في المستشفيات والمزارع وتأمين مياه نظيفة وأنظمة معالجة الصرف الصحي.

ويضيف د. بسيونى أن دراسة جديدة وخطيرة أظهرت أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أخطر من الملاريا والإيدز.

ووجد الباحثون أن 4.95 مليون شخص توفي بسبب الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية (AMR) مع أمراض أخرى، بينها 1.27 مليون وفاة نتيجة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية بشكل أساسي.

ورُصد هذا العدد من الوفيات خلال 2019، وهو أكثر من الوفيات نتيجة الأيدز (864 ألف) والملاريا (643 ألف).

‏وتعد هذه الدراسة هي الأشمل في تأثير الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية ورصد نتائجها الخطيرة، وكانت الالتهابات في الصدر والدم والبطن حيث شكلت ما يقارب 78.8% من الوفيات.

وهذه الميكروبات السنة التي تعد الأكثر فتكا ً ومقاومة للمضادات الحيوية وخصوصا بكتيريا E.coli المسؤولة عن حوالي 200000 من الوفيات.

وتحذر الدراسة أنه ببلوغ 2050، سيموت أكثر من 10 مليون شخص سنويًا نتيجة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، إذا لم يحدث أي تغيير في الاستخدامات الخاطئة.

وأضاف د. بسيونى أن مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية AMR تحدث عندما تتغير البكتيريا، الفيروسات، الفطريات والطفيليات بمرور الوقت ولا تستجيب مرة أخرى للدواء، مما يجعل القضاء عليها صعبًا وبالتالي قد تؤدي إلى انتشار المرض، ,المرض الشديد، والوفاة.

وأظهرت دراسة سويدية سابقة أن الإستهلاك غير المبرر للمضادات الحيوية يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان القولون حيث شملت الدراسة قرابة 40545 مصابا بسرطان القولون، ووجدوا أن هناك علاقة قوية بين الإصابة واستخدام المضادات الحيوية.

أما بالنسبة لتعرض الأطفال بشكل غير مسؤول للمضادات الحيوية فكشفت دراسة اخرى عن ضررها على الدماغ خصوصا المناطق العاطفية والإدراكية، وأيضا ربطوا بينها وبين زيادة معدلات السمنة والحساسية والسكري والربو، وذلك من خلال ضرر هذه المضادات على الميكروبات المعوية.

وهناك فجوة كبيرة على مستوى العالم بين التوصيات الطبية العلمية والتنفيذ العملي في الممارسة على أرض الواقع.

ومن المهم أن نعرف أن كلمة «المضاد الحيوي antibiotics» لا تعني أنه مضاد لأي عدوى، ولكنه فقط مضاد للعدوى الميكروبية.

والحقيقة أن الوضع الطبي في كثير من الأحيان ربما يدفع الأطباء لاستخدام المضادات الحيوية خشية حدوث عدوى بكتيرية مع العدوى الفيروسية مما يزيد الحالة الصحية سوءا، خصوصا في ممرات الطوارئ.

وتؤدي مقاومة المضادات الحيوية إلى تمديد فترة المكوث في المستشفى، وارتفاع التكاليف الطبية وزيادة معدل الوفيات.

وتبدي البكتيريا (وليس الإنسان أو الحيوان)، مقاومة للمضادات الحيوية وقد تسبّب للإنسان والحيوان عدوى التهابات يكون علاجها أصعب من تلك التي تسببها نظيرتها غير المقاومة للمضادات.

ومقاومة المضادات الحيوية ستظل تمثل تهديداً كبيراً ما لم تغيّر سلوكيات استعمال تلك الأدوية، وهو تغيير يجب أن ينطوي أيضاً على اتخاذ إجراءات تحدّ من انتشار عدوى الالتهابات بفضل التطعيم وغسل اليدين وممارسة الجنس على نحو آمن والاعتناء جيداً بنظافة الأغذية.

وتزداد ظهور مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها في الحالات التي يتنسى فيها شراء تلك المضادات من دون وصفة طبية لأغراض الاستعمال البشري أو الحيواني.

وينتهى د. بسيونى إلى القول إنه لم يتم التعجيل في اتخاذ الإجراءات فإننا مقدمون على عصر ما بعد المضادات الحيوية الذي يمكن أن تصبح فيه عدوى الالتهابات الشائعة والإصابات الطفيفة قاتلة مرة أخرى.

 

زر الذهاب إلى الأعلى