عن مشاركة مصر فى قمة «المدن الإفريقية».. خبير اقتصادي: تغيرات المناخ قضية تنموية

- الدكتور إسلام جمال الدين شوقي: مفتاح النجاح "التمويل المستدام"

كتب: على طه

قال الدكتور إسلام جمال الدين شوقي خبير الاقتصاد والتنمية المستدامة، تعتبر قارة إفريقيا من أكثر قارات العالم عُرضة لتداعيات أزمة الاحتباس الحراري التي يواجهها العالم نظرًا لخصوصية موقعها الجغرافي.

وأضاف ” شوقي ” في تصريحات خاصة لـ ” بيان ” تأتي مصر على وجه التحديد من أكثر الدول تضررًا من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية نتيجة لوقوع أغلب أراضيها في مساحات صحراوية وشبه جافة؛ علاوةً على تأثير تلك التداعيات على العديد من القطاعات الرئيسية، والأكثر تأثيرًا في الاقتصاد المصري، والتي يأتي على رأسها قطاعي الزراعة والسياحة.

وقال إن مشاركة مصر في الدورة التاسعة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية والتي عقدت فى مدينة “كيسومو” الكينية جاءت لتؤكد على حرص مصر وقيادتها السياسية على الاهتمام بالتغيرات المناخية حيث تم المشاركة في جلسة مواجهة التغيرات المناخية على مصر وإفريقيا ودور المدن والإدارة المحلية فى تقليل مخاطر تغير المناخ وتم استعراض جهود الحكومة المصرية فى التقليل من الإنبعاثات الكربونية والتغيرات المناخية، وتم الإشارة إلى الاستعدادات الجارية لمصر بمتابعة دورية من الرئيس السيسي لاستضافة مصر لقمة المناخ cop27 فى نهاية العام الجارى بمدينة شرم الشيخ.

طالع المزيد:

وفى الإجابة عن سؤال: عن ماهى الإجراءات المطلوبة لتستطيع المدن فى مصر وإفريقيا لمواجهة التغيرات المناخية؟، أوضح خبير الاقتصاد أن قضية التغيرات المناخية هي قضية تنموية في الأساس فإذا لم يتم معالجتها بطريقة صحيحة سوف تهدد بتفاقم معدلات الفقر وتضر بالنمو الاقتصادي؛ لذلك يجب أن يواصل الاقتصاد في النمو، ولكن ما يجب فعله هو فصل النمو عن الانبعاثات الكربونية.

وأضاف شوقى أنه بخصوص الإجراءات المطلوبة فإنه هناك 5 وسائل أساسية للحد من التغيرات المناخية في ضوء التقارير الدولية ووفقًا لمفاهيم البنك الدولي:

1- تسعير الكربون:

يتم فرض ضريبة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمي وتفرض على المتسبب في زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات التصنيع التي يقومون بها، وسعر الكربون هو المبلغ الذي يتم دفعه في مقابل الحق في انبعاث طن واحد من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ويكون عادةً في شكل ضريبة تسمى بضريبة الكربون، ويساعد تسعير الكربون على إعادة تحميل عبء الضرر على المسؤولين عنه، والذين يمكنهم الحد منه أو بمعنى آخر تطلق عبارة المتسبب في التلوث أو الضرر يدفع الثمن.

2- تطبيق ممارسات الزراعة المراعية للمناخ والتوسع في الغابات:

آلية التحرك متمثلة في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، حيث إن ممارسات الزراعة المراعية للمناخ تساعد المزارع على زيادة إنتاجية المزرعة وقدرتها على الصمود في مواجهة آثار تغير المناخ مثل الجفاف، وفي الوقت نفسه تصبح بمثابة خزانات لامتصاص الكربون تساعد على الحد من الانبعاثات. وتعدّ الغابات أيضًا خزانات مفيدة لامتصاص الكربون وتخزينه في التربة والأشجار والأوراق.

3- إنهاء دعم الوقود الأحفوري:

يمكن عن طريق الإلغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري الضار لمختلف الدول إعادة تخصيص مواردها إلى المجالات الأكثر احتياجًا والأكثر فعالية بما في ذلك المساندة المستهدفة للفقراء، ولا يعدّ إصلاح الدعم عملية سهلة أبدًا فالمواطنون غالبًا لا يدركون التكلفة الحقيقية للطاقة ويجب البدء في زيادة المساندة للفقراء مع الإلغاء التدريجي للدعم.

4- بناء المدن المرنة منخفضة الانبعاثات الكربونية:

يجب العمل على بناء مستقبل مستدام لأن كل أنشطة التنمية التي تتم تحدث في إطار تغير المناخ فبحلول عام 2050 من المتوقع أن تضم المدن ثلثي سكان العالم وبالتخطيط الدقيق للنقل واستخدامات الأراضي، ووضع معايير لكفاءة استخدام الطاقة، يمكن بناء المدن بأساليب تحول دون الوقوع في أنماط غير مستدامة. ويمكن أن تتيح فرص عمل وفرصًا للفقراء وتحد من تلوث الهواء غير أن تمويل هذا النمو كي يصبح مستدامًا أمرًا يمثل تحديًا كبيرًا.

5- زيادة كفاءة استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة:

يمثل تحسين كفاءة استخدام الطاقة أمرًا هامًا فكل جيجاوات يمكن توفيرها هي جيجاوات لسنا بحاجة إلى إنتاجها، وعلى مستوى العالم، فإن استخدام الطاقة اليوم يقل حوالي الثلث عما كان يجب عليه الحال بدون التحسينات التي أدخلت على كفاءة استخدام الطاقة خلال السنوات العشرين الماضية، وفي الوقت ذاته، يتوالى الانخفاض في تكلفة الطاقة المتجددة. وفي كثير من الدول، أصبحت تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة على نطاق المرافق أقل الآن من التكلفة في محطات الوقود الأحفوري أو تعادلها، وهناك مبادرة الطاقة المستدامة للجميع والتي متبنيها البنك الدولي للوصول إلى تحقيق 3 أهداف حتى عام 2030 وهي تعميم الطاقة الحديثة على الجميع، مضاعفة نسبة التحسين في كفاءة استخدام الطاقة، ومضاعفة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي.

وتابع خبير الاقتصاد والتنمية المستدامة، كل هذه الإجراءات بشكل عام أما بشكل خاص فأنه من خلال البحث والدراسة المتأنية نجد أن منهج التمويل المستدام هو الذي سيساعد بشكل كبير في تحقيق التصدي للتغيرات المناخية حيث يُعدُ التمويل المستدام من الموضوعات الهامة والحديثة فهو نموذج جديد من نماذج التنمية الاقتصادية سريعة النمو التي تعتمد بشكل مباشر على الاستثمارات الخضراء والزرقاء والصفراء التي تهدف إلى معالجة العلاقة التبادلية بين الموارد الطبيعية للبيئة وبين استغلال هذه الموارد بما يخدم المجتمع ويحقق الرفاه الاقتصادي والحد من الآثار العكسية للنشاطات الإنسانية على التغير المُناخي، والاحتباس الحراري، واستنزاف الموارد.

واختتم شوقى حديثه قائلًا بأنه قد ارتبط في السنوات الأخيرة مصطلح التمويل مع ظاهرة الاستدامة ولقد أصبح التحدي الأكبر لتحفيز ودعم الاستثمارات المستدامة هو اختيار أسلوب تمويل مناسب يحافظ على البيئة، ويعمل على تحليل احتياجات التمويل المتعلقة بالأهداف البيئية الواردة ومقارنة هذه الاحتياجات بموارد التمويل المتاحة ومن ثمَ، يمكن توضيح معنى ” التمويل المستدام ” على أنه استراتيجية تعالج مشكلة ضعف قدرة الحكومات على توفير الأموال اللازمة لتغطية احتياجات المؤسسات والمنظمات والكيانات الاقتصادية كاملةً، حتى تتمكن من تحقيق أهدافها ورسالتها، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية باستدامة.

زر الذهاب إلى الأعلى