سماح عطية تكتب: إما الرحيل أو.. الرحيل !

لا أحد يهوى الرحيل.. لا أحد يستمتع بألم الرحيل.. ما من نفس تتحمل كل توابع الرحيل.. لا تستطيع أن تعطي للرحيل تبريراً جامعاً مانعاً.. تقنع بها مَن حولك بأسباب رحيلك.. فمبرراتك مهما عظمت شكلاً ومضموناً لن تكون مقنعة بالنسبة لهم.

إنهم لم ولن يعيشوا ما عشته ولن يشعروا بما شعرت به.. ولن يفهموا أن رحيلك لم يكن قراراً لحظياً.. وإنما جاء بعد أزمنة من التشتت والتفتت والهزيمة والخذلان والعشم الموءود.

كم حزنت وتألمت ثم انهرت وتبعثرت وتعثرت وحزنت وبكيت وقُهرت وعندما جمعت أشلاءك وفكرت وتفكّرت فيمن حولك وجدت وصنّفت من يؤذيك.. فقررت الرحيل وهذا الأمر استغرق وقتاً طويلاً سلب من روحك روحاً.. تالله ما يكون وليد لحظة أو حتى لحظات أو دقائق وساعات إنما أيام وشهور وربما سنوات.

وقد كان… تمّ… ورحلتَ وصنعتَ عالماً آخر ظاهره ساحر متلأليء باطنه بشع وموحش ومؤلم ومخزٍ.. وجهه الآخر قبيح وقميء مليء بمن أوهموك بصدقهم ونقائهم وصدق جوارهم ووعودهم الكاذبة وقربهم الذي لم يكن إلا لزيادة إزهاق الروح.. والطعن في الظهر والابتسامة تملأ وجوههم والكذب والوشايات أسلوب حياتهم معك، إلى أن تظهر حقيقتهم فجأة أمام عينيك فتقتلك الصدمة.

وتعود مرة أخرى للتشتت والتفتت والهزيمة والخذلان والعشم الموءود والحزن والألم والانهيار والتبعثر والتعثر والحزن والبكاء والقهر.. وما أقساها وأوحشها عودة!

وفجأة.. مرة أخرى تجد نفسك بين أمرين: إما أن تنعزل وتختفي في جزء بعيد من العالم عن كل هذا الشقاء والصدمات الموجعة وأشباه البشر المخزي.. وإما أن ترحل عن العالم نفسه بهدوء دون مقدمات أو إشارات أو تلميح تاركاً خلفك كل شيء..!!

اقرأ أيضا للكاتبة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى