مؤلف يكتب عن حكاية كتابة روايته.. أكثر من الرواية نفسها

 سردية تكتبها: أسماء خليل

حين يستمتع المُتلقي بالمحتوى الذى يتضمنه ديوان شعر، أو قصة، أو رواية، لا يسأل نفسه أبدا عن المؤلف الذى أبدع هذا المنتج الأدبى.. وما الثمن الذى دفعه من أعصابه ؟، وكم ضحى براحة جسده، وعقله لينسج هذه التحفة، وعلى الإجمال ما الثمن الذى دفعه نتاج تلك العبارات والجمل المُتراصة بشكل يذهب العقل إلى عالم الإبداع.

لم يعرف أحد ما الأجواء المحيطة بالكاتب خلال رحلة الوصول لإتمام ذلك العمل؛ ليصبح في بؤرة الضوء عملا من أروع الأعمال الفنية المُقدمة للقارئ.

الكاتب أحمد حسن حبشي، يجيب عن كل الأسئلة السابقة حين يكشف للقارىء فى السطور القادمة، حكاية كتابة روايته المعنونة: “ لقاء بلا موعد”..

رحلة الوصول

رواية “ لقاء بلا موعد” واحدة من الروايات التي يصفها مؤلفها بأنها مرت برحلة نحو الوصول، وفي ذلك يقول صاحب الرواية الكاتب “أحمد حسن حبشي”:

عندما وضعت قلمي ومفكرتي بجواري، وبدأت كتابة أفكار روايتي الأولى “لقاء بلا موعد”، لم أكن أتخيل أن تحقق الرواية هذا النجاح وكان في مخيلتي أنني سأكتب بعض السطور وكم من الورق وسأضعهم بعد ذلك بدرج مكتبي.

لا أعلم كيف بدأتُ ذلك، وكيف جائتني الجرأة بأن أخطو هذه الخطوة، ولكني فعلتها وكان من غير السهل عليَّ أن أتعرض في روايتي لمواضيع وأحداث تمس واقعنا وما يعيشه مجتمعنا يوميا.. كتبت أحداث وأحاسيس قد تمنيت أن أعيشها بنفسي يوما ما،،

يذكر الحبشي أحاسيسه التي اختلجت داخل نفسه مستكملا، مع انتهائي من كتابة أول ١٠ صفحات من الرواية، تشجعت وأكملت وصبرت ووضعت هدفي، أنه يجب علي أنهاؤها بأسرع وقت، فأنا كقارئ معظم الروايات التي قرأتها كان متوسط عدد صفحاتها هو ١٤٠ صفحة، ولكن اثناء كتابتي لروايتي لقاء بلا موعد وصلت بعدد صفحاتها إلى ٣٠٠ صفحة وما تزال بداخلي أفكار وأحداث يجب أن تكون في الرواية، ما هذا يا الله الذي حل عليَّ؟!.. وصلت بالكتابة إلي ٦٠٠ صفحة وما زالت الرواية لم تكتمل أركانها..

شيء لا يُصدق

ويواصل الكاتب فيقول: أكملت الكتابة حتى انتهائي من الرواية، وإذ بعدد صفحات الرواية قد وصلت إلي ٩٩٤ صفحة طبقا لمعايير تنسيق الروايات ومقاس الورقة الواحدة وعدد السطور بكل صفحة، والمسافات البينية بين السطور، وحجم خط الكتابة ولكن كيف هذا؟ ..

اقرأ أيضا:

أمريكا تشن حربا على الصين عام 2027.. برنامج تليفزيونى يعرض محاكاة للصراع

«العاشرة بتوقيت واشنطن».. رواية عراقية تحاول فك شفرة حقيبة الرئيس الأمريكى النووية

كان أصعب شيء لي هو وضع نهاية للرواية، ولا أخفى عليكم، لقد كانت النهاية في البداية عبارة عن ٨ سطور أي أقل من مقاس نصف صفحة، وكان فيها وصف موت بطل الرواية أدهم مقهورا واكتفيت بتلك النهاية مكتوبة في مفكرتي وعلي اللابتوب، ولكن في اليوم التالي استيقظتُ من نومي قبل آذان الفجر وبداخلي شيء يدفعني لتغيير تلك النهاية المآساوية، وأعطاء فرصة للبطل مرة أخرى ليعيش وينعم بنهاية سعيدة مع الإنسانة الوحيدة التي أحبها في حياته وهي ندى.. نعم فمن حق أدهم أن ينعم بالسعادة على قدر حبه الذي منحه للبطلة ندى.

النهاية الأولى

ووضع الكاتب “نهاية أولى” للرواية، أو كما يقول: بدأت في وضع محددات النهاية السعيدة وكلفني هذا من الوقت والمجهود الكثير فعلا وبعدد صفحات، زادت عن ال ٥٠ صفحة قليلا مقارنة بنصف صفحة هي النهاية الأولى، ووصلت لحقيقة بيني وبين نفسي أنه حتى السعادة على الورق تكلفنا الكثير والكثير حتى ننعم بها..

بعد انتهائي من الكتابة عرضت ما كتبته على صديقتي “أسماء زارع قياتي” وهي عشرة العمر؛لأخذ رأيها فيما كتبته، وكذلك على صديقي الكاتب الكبير هشام شفيق، وإذ بهما يشجعاني على سرعة طبع الكتاب ونشره؛ لأن محتوى القصة من وجهة نظرهم قوي وجميل..

تقابلت مع منسقي الكتب وتم إعادة تنسيق الرواية بضغط المسافات البينية بين السطور، وتصغير حجم الخط نوعا ما وزيادة عدة السطور بالصفحة؛ لنصل لعدد صفحات أقل وكانت محصلة مجهودنا هي ٤٧٦ صفحة للرواية، وبهذا الشكل والحجم يمكن طباعتها وتقبلها بأن تكون في يد القارئ، وبالفعل تم نشر الكتاب وتوزيعه داخل مصر وخارجها، ووصلتني أراءً كثيرة من القراء، داخل وخارج مصر الحبيبة، وتم استضافتي لمناقشة الرواية في أكثر من صالون ثقافي لمناقشة الرواية، ووفقني الله بأن يكون الكتاب أحد المشاركات في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته رقم 54 لعام 2023..

يكمل الكاتب بأن هذا الحدث كان الأكبر له هو، حينما طلبت إحدى شركات الإنتاج الفني الكبرى، تبني قصة الرواية لإنتاجها مسلسل تليفزيوني، وبالفعل بدأت أنا وصديقي العزيز الكاتب الروائي/ هشام شفيق، بتحويل الرواية إلى سيناريو وحوار للمسلسل التليفزيوني المزمع إنتاجه وعرضه قريبا، إن شاء الله، وأستعنا فى ذلك بالكاتبتين مروة سلامة ونسرين سلامة اللذان أعدا الرؤية والمعالجة الدرامية للمسلسل التليفزيوني، ومن لهم الفضل الأكبر في ذلك وفي أعداد السيناريو والحوار وشاركت معهما فيه أنا وصديقي هشام..

مُؤلف جديد

ويروي الحبشي وقد تبدت الفرحة وسط سطوره، أنه وجد نفسه أثناء كتابته للسيناريو والحوار، يضيف تفاصيل أخرى جديدة على الرواية الأصلية التي طرحت للقراء، ويقول إن هذا كان بمثابة مؤلف جديد في حد ذاته، وأكيد هناك أختلاف كبير بين ما يعرض على الشاشة التليفزيونية، أو السينمائية وبمحتوى الرواية المطبوعة والمقرؤة، وهو ما يسمى بالمعالجة الدرامية، ولكن الفكرة ومحتواها في الأول والأخر واحدة..تلك القصة التي عكفت على تأليفها منذ عام ٢٠١٩ وظهرت للنور في بداية عام ٢٠٢٢، وضعت بها أحداث مجتمعية تمس كل بيت، من بيوتنا، وكتبت فيها مشاعر وأحاسيس تمنيت أن أعيشها في يوم من الأيام، ومن يعرفونني عن قرب يعرفون شخصيتي جيدا، فأنا للأسف معروف عني منذ صغري، أنى جاف المشاعر وحازم وواقعي جدا، وهمي الشاغل كان دراستي ومن بعدها عملي وحياتي العملية..أصدقائي وزملائي في المدرسة، منذ المرحلة الابتدائية مرورا بالأعدادية ثم الثانوية، سواء في مصر أو خارج مصر وكذلك أصدقاء وزملاء الجامعة، لم يصدقوا أنفسهم عند قرائتهم للرواية وأن تخرج عني تلك المشاعر الرومانسية، التي كتبتها في الرواية رغم أني لم أعشها من قبل حتى أهلي وزملاء العمل لم يصدقوا ذلك..

هذا هو ما أستطيع تسميته توفيق من الله عز وجل؛ أن أجد في نفسي تلك الموهبة، وعمري يلامس بداية العقد الخامس من العمر حين كتبتها..

من بين السطور

وعن الرواية نفسها يقول الحبشى: تدور أحداث الرواية حول علاقة رومانسية وعاطفية نشأت بين البطل أدهم وعمره ٤٨ سنة (والذي انفصل عن زوجته رانيا بعد زواج ٢٠ سنة ولديه ابنته رزان والتي تدرس بإحدى الجامعات الأمريكية خارج مصر) وبين البطلة ندى وعمرها ٤٨ سنة والتي كان قد تعرف عليها في البداية من خلال إيجار فيلا تمتلكها بناتها الأربعة مرام وفرح وميرا وجنى أثناء عمله بإحدى المدن، خارج القاهرة وهى منفصلة بعد زواج مرتين، وتطورت تلك العلاقة بين أدهم وندى لتكون زواج في السر لظروف قديمة معينة لدى ندى تخص اهلها الذين قاطعوها ونبذوها، ورموها في الشارع هى وبناتها وجردوها من كل ما تملك وأقاموا ضدها قضايا تسببت في الحكم عليها بالسجن، إلى أن أحتضنتها صديقتها رنا في منزلها هى وبناتها.. وتدور أحداث الرواية حول علاقة الحب والزواج التي نشأت بينهما ولكن تدخلت ظروف قوية وتصرفات أقوى كانت تديرها بكل احترافية رنا، وهى الشخصية المحورية في القصة، وهى أم لزوجى بنات ندى مرام وفرح الكبرتين، أدت لإنهاء تلك العلاقة بطريقة بشعة، بعد اكتشاف أدهم لخيانتهم له، وقامت رنا بأذيته وأنكرت ندى زواجها، الذي كان في السر من أدهم.

وسط زحام الناس

الرواية تتعرض لموضوعات عدة مجتمعية، منها جحد الأباء على أبنائهم وكره الأبناء لآبائهم، ممارسة النفوذ، الزواج العرفي وأسبابه والمشاكل المترتبة عليه، السحر والسعي وراؤه، الخيانة بأشكالها المختلفة، الطب النفسي وأهميته في علاج الصدمات النفسية والاكتئاب، ظلم الناس لبعضهم بالتزوير، الصبر على إبتلاءات الله لعبده.تتعرض لنوعين من الأباء الأول يحتوي أولاده بالرغم من طلاقه من أمهم والنوع الأخر يعاقب أولاده بالقطيعه وعدم الصرف عليهم بسبب طلاقه من أمهم..

حقيقة ذات صلة

يؤكد الحبشي عدم فصل مشاعره الواقعية عن أحداث الرواية، حيث يقول، لا أخفي عليكم أن علاقتي بابنتي في الحقيقة، قد جسدتها في علاقة البطل أدهم بابنته رزان، بل إني كنت تحت تأثير أن أفند تلك العلاقة بتفاصيلها؛ فابنتي الوحيدة تدرس الهندسة في الولايات المتحدة الأمريكية وتلعب الدرامز، وابنة بطل الرواية تدرس الهندسة في أمريكا وتلعب الدرامز، ولذلك كل المقربين منى ومن أسرتي راعى أنتباههم ذلك وأبلغوني به..الحقيقة لم أكن أتخيل أن أكتب روايتي الأولى لقاء بلا موعد وهي تجسد قصة رومانسية، أحب فيها البطل أدهم ندى ومرا بظروف واحداث كثيرة يمر بها كل منا في واقعة اليومي..

مشاعر مختلطة

يحكي الكاتب أنه تم طرح الكتاب للقراء وداخله رهبة كبيرة من هذه التجربة الأولى، التي بدأها، ويقول لكن بتشجيع من القراء بدأت في كتاباتي الجديدة، وإن شاء الله تصدر للنور قريبا وهي كتاب “مغامرات حبشوف في السفر والعمل”، وهو يجسد توثيق لسفري أنا وأسرتي للمدن المصرية، وكذلك سفرياتي لبلاد حول العالم، وكتاب “يوميات رجل مطلق”، وهو مرشح ليكون فيلم سينمائي إن شاء الله، وكتاب “أحببت عاهرة في جراج بي 20”، وبالطبع سأكون بانتظار موافقة الرقابة على هذا الاسم وأخيرا كتاب “زنزانة التلبس”.

زر الذهاب إلى الأعلى