يوم شلل إسرائيل.. مليونية العار وإضراب كفاية تعم الكيان حتى وقف مذبحة القضاء

تقرير: إسلام كمال

بعد ليلة ساخنة للغاية، دخلت إسرائيل مرحلة جديدة من التصعيد عقب إقالة نتنياهو لصديقه الليكودى يوآڤ جالانت وزير الدفاع، لأنه رجح مطالب الجيش رافضا التعديلات التشريعية المحاصرة للمحكمة العليا، فيما اعتبره رئيس الوزراء نتنياهو إنقلابا على شرعيته، حيث عجل قادة الاحتجاجات ضد ما يعتبر الائتلاف الحكومى الإسرائيلي “قانون الإصلاح القضائي” من وتيرة التصعيد بإعلان العصيان المدنى العام صباح اليوم الإثنين، بالاضراب حتى وقف هذه التعديلات المتعنتة، معلنين عن أنه ” شلّ إسرائيل” إلى حين إيقاف تشريع القانون، ودعوا إلى مظاهرة خارج مبنى الكنيست، وفي مختلف الشوارع الرئيسية وإغلاقها، والتمركز أمام بيوت الوزراء والقيادات.

ومن المتوقع أن تصل المظاهرات لمليونية حقيقية، رغم إن إسرائيل تعددها العام حوالى ١١ مليونا، ولو استبعدنا فلسطينى الداخل حوالى ٢ مليون، فستكون هذه نسبة تاريخية لأية مظاهرة حول العالم مقارنة بنسبة السكان، وبالفعل هذا السيناريو غير مستبعد، بعظ إعلان العديد من الشرائح الانصمام للمظاهرات، ومنهت الجامعات التى أغلقت أبوابها اعتراضا.

ومن المهم الإشارة إلى أن خطورة هذا الرقم المتوقع، ليس في ضخامته فقط، لكنه سيبطل الحجة التى يرددها نتنياهو دائما، والتى بقول فيها أن ناخبيه الذين صوتوا له أكثر من المحتجين في الشوارع ، وبالتالى لن يستمع سوى لناخبيه، وهذا اليوم سيشهد إبطال هذا الحجة، وسيكون الصوت الأعلى للمتظاهرين، إلا لو خرج أنصار نتنياهو وائتلافه، وهذا يعجل بسيناريو الحرب الأهلية، التى لا يستبعدها المراقبون، ولا يعتبرونها مجرد تحذير فقط !.

ومن ضمن من أعلنوا المشاركة في إضرابات شل إسرائيل ، بخلاف قوى احتياطية بل ونظامية من الجيش، نقابة الأطباء، حيث يضرب تماما جهاز الصحة، ويشمل الإضراب جميع المستشفيات الحكومية والعيادات، ونقابة المحامين بما فيهم طاقم المدافعين عن نتنياهو في قضايا فساده التى تهدده بالسجن.

وهدد رئيس الهستدروت “اتحاد العمال”، أرنون بار دافيد، بإعلان إضراب شامل في المرافق الاقتصادية لو لم يعلن مجلس الوزراء في اجتماعه الطارئ صباح اليوم الاثنين، عن وقف التشريعات القضائية، وأعلن خمسة من أكبر البنوك الإسرائيلية مشاركتها في الإضراب بخلاف الشركات التكنولوجية والستارت آب، وحتى الشركات العسكرية ومنها شركة “رفائيل”.

وأعلن رئيس لجنة العاملين في مطار بن جوريون، بنحاس عيدان، أنه ابتداء من صباح اليوم لن تقلع طائرات من المطار، كذلك انضم مركز الحكم المحلي إلى الإضراب، بعد تهديد الهستدروت.

طالع المزيد:

وقال رئيس مركز الحكم المحلي، حاييم بيبيس، المقرب من نتنياهو، إنه “لن يتم استقبال جمهور، وغدا لن يكون هناك مساعدات في روضات الأطفال ولا مخيمات ولا أي شيء آخر”.

وردد رئيس نقابة الأطباء، بروفيسور تسيون حجاي، في نهاية تصربحاته، كلمة من الممكن أن تكون عنوان المظاهرات مع شل إسرائيل، وهى “كفاية يانتنياهو”، وبالمناسبة، مظاهرات الأيام الأخيرة كانت تحمل شعار العار، ولاحق هذا الهتاف نتنياهو حتى خلال مصافحته لرئيس الوزراء البريطانى خلال زيارته للندن!

ونتنياهو، يعانى من أصعب أزمة سياسية له منذ ظهوره في المشهد العام الإسرائيلي في ١٩٩٧، ومن المتوقع أن يضغط على حلفائه لقبول بعض التأجيل، وهناك مؤشرات حول إنه نجح في الحصول على موافقة عابرة من الوزير الصهيونى الفاشي بتسلئيل سموطرتيرش، الذي لم يتمكن أحد بالمناسبة من محللى قناة القاهرة الإخبارية من نطق إسمه بطريقة صحيحة.

فيما لايزال وزير العدل المكلف بالملف مصرا على رفض أى تأجيل بالتحالف مع وزير الأمن القومى الفاشي الأخر إيتمار بن جفير، رغم الضغوط الأمريكية التى تقلق نتنياهو بشدة، حيث كان أمرا مباشرا أن يعلق البيت الأبيض صراحة على مواجهات ليلة أمس بين المتظاهرين والشرطة، مطالبا بضبط النفس بعد الإعراب عن قلقه، وهذا أمر استثنائي، لم يحدث أبدا، لكن هناك صهاينة فاشيون يهاجمون الموقف الأمريكى ويتهمون أمريكا بالتدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل ويدعونها بالتوقف عن ذلك، مصرين على المضى قدما للإنهاء على المحكمة العليا، التى يعتبرونها آخر معاقل اليسار الإسرائيلي القديم.

ولقراءة الطالع السياسي الإسرائيلي خلال الساعات القليلة القادمة، يجب ان نشير إلى مواقف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوج وأغلب الوزراء الليكوديبن والحريديين (المتدينين) الذين توافقوا جميعهم لأول مرة منذ بداية الأزمة على تأجيل التشريعات الصادمة بحجة أمن إسرائيل وإبطال سيناريو الحرب الأهلية، حيث دعا هرتزوج لموقف غير سياسي بل موقف قيادى مسؤول، لأن الاقتصاد والسياسة والجيش والمجتمع الإسرائيليين في خطر كبير.. والعالم كله يرقبنا بعيونه، وفق قوله في بيانه الذي أصدره تعليقا على التصعيدات الأخيرة.

وزير العدل الليكودى ورئيس الكنيست السابق ياريڤ لڤين تقريبا هو الوزير الليكودى الوحيد الآن المصر على رفض أى تأجيل، مهددا بتقديمه الاستقالة، وبن جفير يهدد بتفكيك الائتلاف أو على الأقل الاستقالة ودعم الائتلاف من خارجه، لأنه من الصعب أن يتشكل هذا الائتلاف مرة أخرى، حسب اتجاهات استطلاعات الرأى، وبالتالى فالقرار الأقرب هو تأجيل التعديلات التى على أبواب القراءتين الثانية والثالثة، إلى حين وبأسلوب هادئ دون أن يغضب نتنياهو وائتلافه أنصارهم، حتى لا يخرجون في الشارع إلا في الوقت الذي يريدونهم فيه، خاصة إن “ألتراس” فريق “بيتار يروشالايم” اليميني أعلن عن نزوله الشارع، وبالتالى الأمر أيضا مرشح لمواجهات جديدة، وبالذات لو اقتربت مسارات المحتجين عند نقاط الأنصار ومنها “بنى بارك” الحريدية وغيرها من النقاط الملتهبة في تل أبيب والقدس المحتلة.

وبدأت المليونية تتجمع من الآن بالفعل، حيث ينزل المتظاهرون من القطارات والمتروهات ويتمركزون في النقاط الرئيسية المتفق عليها، بهتافات منوعة ضد نتنياهو وائتلافه مع دعم وزير الدفاع، ومنها “بنحبك ياجالانت” .. ” العار.. العار” .. ” نتنياهو الديكتاتور” .. ” الديموقراطية..فيما دعا وزير الدفاع السابق بنى جانتس لانتخابات مبكرة، مستغلا مؤشرات استطلاعات الرأى والزخم الكبير، الذي يوصله للحكم من جديد، وقدم حزب العمل قبل مشروع قانون بحل الكنيست رقم ٢٥ والدعوة لانتخابات مبكرة، وهو الحل الأوقع لو فشل نتنياهو في تمرير التأجيل، لكنه ناجح في ذلك بشكل كبير حتى الآن، في هزيمة حقيقية له وانتصار كبير للشارع والمعارضة، تؤهل لتغيير كبير في المشهد خلال الفترة القليلة المقبلة، حتى لو تم تفكيك الأزمة هذه المرة، خاصة إن اليمينيين والفاشيين الصهاينة لن يغفروا لوزراءهم ذلك.

 

زر الذهاب إلى الأعلى