رفعت رشاد يكتب: حريات محرر مزدوج

بيان
غير الروايات العربية القليلة التى دبجها كتّاب صحفيون عن معشوقتهم صاحبة الجلالة، والتى لا تتجاوز فى مجملها عدد أصابع اليد الواحدة، تظل المكتبة العربية فقيرة فى الكتابات الحقيقية، عن هذه الدنيا العجيبة فى أحداثها، وشخوصها.
وفى هذا المقال الذى نشره الكاتب الصحفى الكبير رفعت رشاد، اليوم فى صحيفة “الوطن” وفى مقالات سابقة، وتالية إن شاء الله، ننتظر بشوق قبسا من سيرة المعشوقة، و “الجنية” التى تخطف البشر، فلا تفلتهم من عشقها.. اقرأ النص التالى:
بعدما منع الأستاذ موسى صبرى، رئيس مجلس إدارة وتحرير الأخبار، دخولنا الجريدة، وكان عددنا 35 محررا تحت التمرين، تفرقت بنا السبل، منا من ذهب إلى «الأهرام» وآخرون انتشروا فى صحف حزبية، وذهبت أنا إلى جريدة الجمهورية.كان صديقى حازم الحديدي الناقد والسيناريست يعمل فى قسم الإذاعة والتليفزيون بالأخبار ويعلم بما حدث لنا.

اتفق «حازم» مع الأستاذ محمود خطاب – رحمه الله – على أن أعمل معه فى الجمهورية.

كان «خطاب» مسئولاً عن صفحة التليفزيون بالعدد الأسبوعى، وكان مدير تحرير الأسبوعى الأستاذ محمد أبوالحديد، متعه الله بالصحة.

كان الأستاذ «خطاب»، يحتاج إلى شاب يساعده فى الصفحة لكنه كان ذا طبيعة خاصة فى التعامل، لذلك كانت الخلافات سرعان ما تدب بينه وبين الزميل الشاب، فيعود ليعمل بنفسه ويراجع كل التفاصيل وهو ما يمثل عبئاً عليه.

عندما اتفق معه «حازم» على أن أعمل معه ذهبت للقائه، ووجدته ودودا وطيب القلب، لكنه مدقق فى عمله كما أنه دقة قديمة، أى يحرص على تقاليد معينة ويتعامل بحساب فى كل الأمور ويتبع منهج الجدية فى العمل والالتزام بالمواعيد.

أعجبنى هذا النظام الذى يضعه «خطاب» لنفسه ولمن معه، فى نفس الوقت كان صحفياً محترفاً مثقفاً وله علاقات واسعة مع قيادات الإذاعة والتليفزيون والسينما والمسرح.

صرنا متفاهمين وارتاح «خطاب» لعملى معه ولأنه كان يسافر للخارج كثيراً فقد اطمأن إلى أننى سأقوم بدورى المطلوب فى إعداد الصفحة بدون مشكلات.

فى دار التحرير وفى الجمهورية تحديداً كانت هناك مشكلات وخلافات بين الأستاذ محسن محمد، رئيس مجلس الإدارة والأستاذ محفوظ الأنصارى، رئيس التحرير.

هذه الخلافات تسبب فى ضرر لعدد كبير من المحررين تحت التمرين كانوا يعملون منذ سنوات فى الجمهورية، إذا طلب الأستاذ محفوظ مكافأة ثابتة للمحررين تمهيداً لتعيينهم فإن الأستاذ محسن يرفض وهو صاحب القرار.

صار الخلاف واضحاً ولم يعد رئيس التحرير قادراً على مكافأة المحررين أو تعيينهم، أصابنى الدور أيضاً، فبعد فترة تطلعت للمكافأة أو التعيين ولم يقصر الأستاذ خطاب، فقد ذهب إلى محسن محمد بنفسه لعلمه بالخلاف بينه وبين «محفوظ» ولكن «محسن» لم يوافق على تعيينى أو صرف مكافأة.

كنت ألمح فى عينى الأستاذ خطاب حزناً لعدم قدرته على تحقيق الاستقرار لى، فى نفس الوقت كان التفاهم بيننا قد وصل إلى مرحلة كبيرة بحيث لم يعد يفكر فى أننى يمكن أن أترك الجريدة.

سعى «خطاب» إلى الاتفاق مع مكاتب لصحف عربية فى القاهرة لكى نتعاون معاً فى العمل معها فى موضوعات فنية.

بالفعل انطلقت لعمل موضوعات فى السينما والمسرح وصار لى مصادر ومعارف من الفنانين وأعجبنى العمل فى هذا المجال، خاصة أننى كنت أمارسه من زاوية العرض والنقد وليس من زاوية البحث عن خبر من فنانة أو سؤالها: أين ترعرعت سيدتى؟ صرت أقرأ فى مجال المسرح والسينما وأتعرف على نظريات الدراما ورحلتها من سوفوكليس وأرسطو إلى شكسبير والمحدثين من منظّريها.

وتعرفت على الروسى ستانسلافسكى ونظرياته عن الممثل وكذلك على أيزنشتاين المخرج السوفيتى وأعماله فى بدايات الحقبة السوفيتية وكذلك تعرفت على تاريخ السينما وكتابات درينى خشبة عن المسرح، لكن بقى أننى لا أحصل على مليم من الجمهورية.

بدأ قلق مكتوم ينتابنى والأستاذ خطاب، وللحديث بقية.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى