أشرف التهامي يكتب: بقي الأسد ورحل المتآمرون على سورية

بيان
سنوات وما يزال الرئيس السوري بشار الأسد على رأس الدولة السورية، كلامٌ كثير قيل وتحليلاتٌ كثيرة خرجت، في حين تبدو الحقائق واضحة، بقي الرئيس الأسد، فيما رحل من تآمر على الشعب والدولة السورية.

تغيَّرت مواقف الإدارات الأمريكية والسعودية والقطرية، وتبدَّلت اللهجة التركية وأصبح الغرب بأسره رهن تطورات الأزمة.

الأسباب لذلك كثيرة لكنها لا تتعدى في مجموعها حقيقة أن المؤامرة الكبرى على سوريا سقطت.

فيما لم يكن إسقاط الدولة السورية هدفاً بعيداً عن المؤامرة لما له من علاقة بضرب محور المقاومة ومحاصرة إيران.

واليوم، نجد المشهد السياسي في المنطقة، مشهداً آخر، حيث يتربع الرئيس الأسد كطرفٍ لا يمكن تجاوزه في أي حلٍ سوري حيث يُحدد وإدارته السياسية معالم المستقبل السوري، في حين نجد أن عدداً من الزعماء بات من الماضي.

فما هي قصة هذا التراجع؟ وكيف سقطت المؤامرة؟

خصوم الرئيس السوري بشار الأسد متنوعون، ما بين منشقين داخل البلاد ومعارضين سياسيين مدعومين من الغرب يقيمون في المنفى ومقاتلين إرهابيين مدعومين من دولة جوار في شمال غرب سوريا بالإضافة إلى الأكراد الانفصاليين المدعومين من الولايات المتحدة الذين يسيطرون على منطقة يتوهمون بالحكم الذاتي في شمال شرق البلاد.

وتمكن الرئيس الأسد تقريبا من سحق المعارضة الارهابية المسلحة التي المتسترة بالدين.. والدين منهم برئ.. تلك المعرضة التي خرجت بدعم خارجي للأسف من بعض دول الجوار الشقيقة، والغرب عام 2011.

واستعاد الأسد الآن سيطرته على نحو 70 بالمئة من أراضي البلاد بعد صراع دام لا كثر من عشر سنوات وأودى بحياة مئات الآلاف، وأدى إلى نزوح ملايين من السكان، وفاز بفترة ولاية رابعة في انتخابات الرئاسة، المعلنة يوم الأربعاء 26 مايو 2021.

وخصوم الرئيس الأسد بالداخل و الذين نادوا بضرورة رحيله يعانون الفرقة و الانقسام و الانكسار وإليكم ما آلت اليه أحوالهم:

انقسمت المعارضة السياسية وخرجت المعارضة الإرهابية المسلحة من أغلب أرجاء البلاد، وسادت الانقسامات وتضاربت المصالح بين خصوم الأسد السياسيين.

واحتضرت أنشطة المعارضة في الداخل والتي تضم شخصيات يسارية وغوغائية بقيادة حسن عبدالعظيم والمعروفة باسم الجبهة الوطنية الديمقراطية التي تدعي الإصلاح الديمقراطي.

وجمع عشرات من المعارضين المقيمين في المنفى وبالأساس في عواصم غربية أدلة يأملون أن تدفع الأسد للمثول أمام محاكمة في اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية على حد زعمهم.

ومن بينهم المحامي المشهور أنور البني والمحامي والناشط العلوي المعارض مازن درويش المقيمان في ألمانيا.

وأعادت أغلب المعارضة الإرهابية المسلحة الأساسية التي هُزمت في ساحة القتال تجميع صفوفها في شمال غرب سوريا حيث تعمل الآن تحت مظلة قوة مدعومة من تركيا باسم الجيش الوطني السوري (الإرهابي).

واختار آلاف رفضوا إجلائهم إلى آخر معقل للمعارضين أن يسلموا أنفسهم بموجب اتفاقات المصالحة التي وفرت لهم العفو وتوسطت فيها روسيا بالأساس.

وأغلبهم متمركزون في أجزاء من جنوب ووسط سوريا.

وانضم بعضهم لجماعات مدعومة من روسيا لإدارة مناطقهم بينما انخرط آخرون في قوات رديفة للجيش السوري.

كما تدير وحدات حماية الشعب الكردية الانفصالية شمال شرق سوريا حيث تقع أغلب احتياطيات النفط وحقول القمح السورية مما يحرم الحكومة من إيراداتها ويهدد مساعي الدولة السورية لاستعادة السيطرة الكاملة.

وأصبح لدى الأقلية الكردية الانفصالية في البلاد، إدارة مدنية بدعم أمريكي فأضحت أداة في يد الأمريكي لسلب ونهب النفط السوري والثروات الطبيعية و الزراعية السورية بتلك المناطق التي يسيطرون عليها هؤلاء الخونة العملاء..

الا أنهم سيعودون في نهاية الأمر لحكم الدولة السورية.

أما عن هيئة تحرير الشام الإرهابية الجماعة المنبثقة عن تنظيم القاعدة الإرهابي فهي أكبر قوة جهادية وتهيمن فعليا على المناطق المنشقة في شمال غرب البلاد، وتنتهك حقوق الإنسان ومصنفة منظمة إرهابية في أغلب دول الغرب.

وما تزال فلول تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي المتشدد، قوة فاعلة في أجزاء من شرق سوريا حيث دفعت هجماتهم الخاطفة روسيا لقصف مخابئهم.

أما خصوم الأسد بالخارج والذين تشدقوا بضرورة رحيله وأخذوا على أنفسهم العهود وأعلنوها في المحافل واللقاءات الدولية..أين هم الآن؟

أثار خبر استقالة رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بعد التصويت على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، الجمعة 24 يونية 2016، سخرية مؤيدي الرئيس السوري، بشار الأسد.

فكاميرون صرح مرارًا بضرورة رحيل الأسد في سوريا عن السلطة، مادفع المؤيدين لتناقل منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسخر وتدور حول أن “كل من طالب بمغادرة الأسد سيرحل قبله وهو سيبقى.”

رئيس الوزراء البريطاني ليس الشخصية السياسية الأولى التي ترحل قبل الأسد، وإنما شهدنا رحيل عدد لا بأس به من الزعماء الذين طالبوا برحيل الأسد عن السلطة، إما عن طريق الانتخابات الديمقراطية أو بانقلابات عسكرية أو بسبب الموت: ومن أهم هذه الشخصيات:

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي غادر رئاسة الجمهورية الفرنسية في 15 مايو 2012، وبالرغم من مرور عام فقط على بدء ما سميت بالثور السورية إلا أنه وقف ضد الرئيس الأسد منذ مطلع الاحتجاجات، وطالب أن يتدخل التحالف الدولي لإسقاط الرئيس الأسد على غرار ليبيا.

ودعمت قطر ما سمي بـ “الثورة السورية” سياسيًا واقتصاديًا إضافة إلى الدعم العسكري، وكان معارضو الأسد يعتبرون قطر دولة صديقة للشعب السوري، إلا أن قطر دعمت “الإرهاب” ودفعت الأموال للمتظاهرن المنتفضين ضد الدولة السورية.

والرئيس الإخوانى محمد مرسي المخلوع الذي تولى منصب رئيس الجمهورية في مصر بعد بدء ما سميت بالثورة السورية بعام واحد، واستمر حتى عزله في 30 يونيه 2013 وبالرغم من أن مدة حكمه لم تتعدَ سنة واحدة إلا أنه وقف في صف ما سميت بالثورة السورية وطالب الرئيس الأسد بالرحيل.

وهاجم مرسي في كلمته بمؤتمر “نصرة سوريا”، في القاهرة 17 يونيه 2013، الدولة السورية وقرر قطع العلاقات معها، وقال جملته الشهيرة “لبيك يا سوريا ” فرحل هو و بقي الأسد.

أما الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ثالث رئيس الجمهورية التونسية الثالث منذ 2011 وحتى 2014.. فقد أعلن طرده للسفير السوري من تونس اعتراضًا على مقاومة الدولة السورية ضد ما سماهم بالثوار، كما قال المرزوقي إن الحل الوحيد للأزمة السورية هو تنحي بشار الأسد عن السلطة. فرحل هو و بقي الأسد.

ولم يرحل هؤلاء وحدهم خلال سنوات ما سميت بالثورة السورية، فهناك شخصيات سياسية بارزة رحلت أيضًا كرئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، الذي قدّم استقالته في مايو 2016. فرحل هو وبقي الأسد.
والرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الزعيم الأهم الذي رحل تاركًا الأسد دون أي ردّ فعلٍ يجبر الأخير على الرحيل أو التنحي، سوى تصريحات متكررة بأن الأسد فقد شرعيته …ورحل خلفه ترامب، و بقي الأسد.
ورحل ديفيد كاميرون و تيريزا ماي و بوريس جونسون الذين تولوا منصب رئيس وزراء بريطانيا من 2010 و حتى2022. بقي الأسد.
كما رحل نيكولا ساركوزي وفرانسوا أولاند من رئاسة فرنسا من2012 و حتى 2017. و بقي الأسد.
ومن يدري من سيرحل مستقبلاً؟
ما سبق وغيرهم من الرؤساء والقادة فى المنطقة العربية وخارجها الذين طالبوا برحيل الأسد، فبقى الأسد، ورحلوا هم.

لكن بالنهاية إنها مشيئة الله.. أن تبقى سورية عرين الأسد.. البلد المبارك المقاوم بشعب عربي لا ينكسر و بجيش عقائدي لا يلين.. بقيادة سياسية واعية وحكيمة لا تحيدها مؤامرات الخارج ولا يضعفها خونة الداخل.

اقرأ أيضا للكاتب:

أشرف التهامي يكتب: قسد ما بين الانفصام والانفصال

أشرف التهامي يكتب: باي باي إسرائيل

 

زر الذهاب إلى الأعلى