«قل شكوتك»: عام تحقيق الأحلام

حلقات تكتبها: أسماء خليل

“على أعتاب الطريق” ما زلتُ أخطو أولى خطواتي نحو المستقبل، وعلى تلك الأعتاب تحاوطني الهموم وتتكالب عليَّ الظروف المؤلمة، وها أنا ذي لا أعرف ماذا أفعل لأزيح وشاح الظلام عن عيني وأواصل مسيرتي بالحياة.

أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لمشكلة الشابة الصغيرة “و.م”، والتي لم تجد سبيلًا سوى بث شكواها برسالة، عبر البريد الإلكتروني، راجيةً من الله تعالى أن تجد من يقدم لها المشورة.

                                                                        “و.م”

هل بالإمكان أن يكون سبب تعاسة المرء أقرب الناس إلى قلبه ؟! .. ها أنا ذي فتاة بالثانوية العامة، أعيش بأحد أحياء القاهرة، لأب موظف يحمل مؤهلًا متوسطًا، وأم حاصلة على دبلوم صناعي، لي أربع أخوة يصغرنني، ونعيش في بيتٍ ورثناه عن جدي لأبي.

حياتي أشبه بقصة بطلة من أبطال رواية البؤساء، فأبي رجل متسلط جدًّا، يعمل بالوظيفة ذات الراتب البسيط صباحًا، ولا يراعي الله – سبحانه وتعالى – في عمله، فيذهب ليوقع فقط بالحضور ويترك المكان ويعود للمنزل، ليمارس علينا وظيفة أخرى، وهي التنظير والتجبر، وكذلك يُقتٌِر علينا العيش ولا يكاد يعطينا الفُتات.

كم نصحته أمي – على استحياء – كثيرًا، بأن يعمل عملًا آخرًا؛ ليخلصنا من الضنك الذي نعيش فيه، لكنه كان يتضجر ويتشاجر، وفي بعض المرات يتطاول عليها بالضرب، وهي مسكينة لا أهل لها ولا مأوى غير بيته، كما أنها محدودة الفكر، وليس بإمكانها التفكير خارج صندوق حياتها.

ولكنها في تلك المرة تشجعت، وقامت بعمل مشروع صغير لتحاول أن تحصل على أي قدر من المال ولو بسيط، وبالفعل استفادت من خبرتها بالحياكة، وبدأت في تفصيل بعض الملابس الصغيرة للأطفال، وكانت تجعلني أنا وأخوتي نوزع البضاعة على الزبائن، ولكن كل ذلك دون علم أبي.

ولكن أمي قلدت أبي في كل شيء؛ فحينما رزقها الله – سبحانه وتعالى – لم تتذكرنا، وباتت تدخر كل جنيه من أجل أن يكون لديها مالًا سندًا ترتكز عليه يومًا ما، في مواجهة ظلم وبطش أبي.

ساء حالي أنا وأخوتي، فبعدما كانت أمي متفرغة لرعايتنا وتشملنا بحنانها، في مواجهة شُح أبي المادي والعاطفي، بات الجميع يعتبرنا في طيات النسيان.

هذا هو حالنا منذ سنة بأكملها، وكم حاولت التحدث مع أمي؛ فتجيبني بأن ذلك الذنب يتحمله هو وليست هي.

لم أستطع هذا العام أن ألتحق بأي درس خصوصي، بسبب بخل أبي وأمي من جهة، وغلاء المعيشة من جهة أخرى، أحاول المذاكرة دون جدوى، فهناك كثير من العلوم الدراسية لا أفهمها جيدًا.

حدثتني ابنة عمي بأن هناك رجلًا ثريًّا أرملًا وله ابنة واحدة في المرحلة الإعدادية، ويكبرني بأكثر من عشرين عامًا، ويريد أن يتزوجني، لأنه جار عمي ورآني هناك أكثر من مرة.

سيدتي، إنني أفكر بشكل جاد أن أتزوج ذلك الرجل، وأتحرر من قيود العبودية التي أعيش فيها.. ماذا أفعل بحق الله ؟!.

الحــــــــل

عزيزتي “و.م” كان الله بالعون..

إذا لم تجد من يُسعدك فحاول أن تسعد نفسك، تلك الحكمة الشهيرة تعبر عن مفهوم أعمق وفكر إيجابي خفي، فهي تؤصل مصطلح“الاعتماد على النفس”، بأن المرء إذا لم يجد حوله سندا فأمامه نفسه، “لماذا تبحث عمَّن تتكئ عليه وأنت تملك ذراعين”؟!.

وأنتِ تملكين عقلًا ناضجًا أوصلكِ لمرحلة الثانوية العامة، وصحة تضمن لكِ مستقبل أفضل، ما تزال الأماني ممكنة.. لا تتزوجي من ذلك الرجل، فأنتِ تلقين بنفسك إلى التهلكة، وستسعدين عامًا، ثم تبكين طوال العمر؛ لأنكِ ستعودين مرة أخرى إلى دار أبيكِ بصحبتك إنسان صغير آخر.

اعتمدي على نفسك في تلك الحياة؛ وفي البداية حاولي استعطاف قلب أبيك وأمك عن طرق خال أو عم أو أحد المقربين، وإلم يتثنى لكِ ذلك، ففي أوروبا والدول المتقدمة يعتمد الطالب على نفسه في عمر الخامسة عشر، وعليه فقومي باستتطاف المعلمين واستجداء الرحمة في قلوبهم أن تلتحقي بالمراكز التعليمية بعد شرح ظروفكِ لهم، ولو عن طريق صديقة أخرى، لأنه ليس بإمكانك العمل في ذلك العام.

اجعلي من تلك السنة “عام تحقيق الأحلام”.. ذاكري واجتهدي.. بل وانحتي في الصخر حتى تتركي أثرًا بالتفوق، وبعدها التحقي بالجامعة، واعملي بأحد المشاريع، لكي تستطيعي الإنفاق على نفسك ودراستك.

لا تفكري في ظروفك، والتساؤل حول شخصية أبيكِ وأمكِ، فليس لنا أن نحاسب آباءنا احترامًا ولعدم تضييع الوقت.. هلمِّي إلى التقدم والنجاح، ولا تتركي ساعة للتفكير السلبي، اغلقي حجرتكِ عليكِ عامًا، كي تفتحيها باقي الأعوام.

منحكِ الله السعادة وراحة البال.

…………………………………………………………………………………………………..

راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.

اقرأ فى هذه السلسلة:

«قل شكوتك»: حياة رهن القيود

«قل شكوتك»: زوجتي ومستقبلي الضائع

زر الذهاب إلى الأعلى