عاش 100 عام.. من هو هنرى كيسنجر وما دوره فى حرب أكتوبر 73؟!

كتب: على طه

عن عمر يناهز 100 عام، توفي هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، مساء الأربعاء، في منزله بولاية كونيتيكت.
وأعلنت مؤسسة “كيسنجر الاستشارية” نبأ وفاته، في بيان جاء فيه إنّ “كيسنجر كان وزيراً للخارجية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، وأدّى دوراً دبلوماسياً محورياً خلال الحرب الباردة.

وحتى أيامه الأخيرة فى الحياة وعلى الرغم من بلوغه المائة عام فى عمره، كان كيسنجر يقوم بأنشطة سياسية كثيرة ويشارك في اجتماعات بالبيت الأبيض والكونجرس، وأدلى بشهادته حول كوريا الشمالية، وفي شهر يوليو الماضي قام بزيارة للصين والتقى بالرئيس الصيني شي جين بينغ.
الراحل كيسنجر أحد أبرز السياسيين في التاريخ الحديث للولايات المتحدة الأمريكية، وقد ترك بصمة واضحة لا تمحى في السياسة الخارجية الأميركية.

أسباب الشهرة

وذاعت شهرة كيسنجر وسطع نجمه في سبعينات القرن العشرين، خلال توليه حقيبة الخارجية في عهد الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون، وهو الذى قاد عملية الانفتاح الأميركي الدبلوماسي على الصين، وتولى المحادثات التاريخية للحد من الأسلحة بين الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتى، فى ذروة الحرب الباردة بين القطبين فى سبعينياتـ، وثمانينيات القرن الماضى.

وكان له دور دبلوماسي مهم خلال سنوات الحرب بين مصر وإسرائيل، وخاصة فى حرب أكتوبر 1973، كما ساهم في التوصل إلى اتفاقيات باريس للسلام مع فيتنام الشمالية.

حصل كيسنجر على جائزة نوبل للسلام عام 1973، مناصفة مع لو دوك ثو من فيتنام الشمالية، الذي رفض الجائزة، فى واحدة من أكثر إعلانات “نوبل” إثارة للجدل، حيث استقال اثنان من أعضاء لجنة نوبل بسبب الاختيار، وأثيرت أسئلة حول القصف السري الأميركي لكمبوديا.

الميلاد:

اسمه الأصلى هاينز ألفريد كيسنجر، ولد لأسرة يهودية كانت تعيش فى فورث بألمانيا في 27 مايو 1923، وانتقل مع أسرته وهو صبى يبلغ 15 عاما، إلى الولايات المتحدة قبل انطلاق ما اشتهر بالحملة النازية لإبادة اليهود فى ألمانيا.
غيّر هاينز ألفريد كيسنجر اسمه إلى هنري كيسنجر، وحصل على الجنسية الأميركية عام 1943، وتجند فى الجيش الأمريكى خلال الحرب العالمية الثانية ثم حصل على منحة دراسة في جامعة هارفارد وترقى سريعاً في دراسته وحصل على درجة الماجستير في عام 1952 والدكتوراه في عام 1954.
خلال تلك الفترة عمل كيسنجر مستشاراً للوكالات الحكومية.
في عام 1967 عمل وسيطاً لوزارة الخارجية في فيتنام.

أول درجات الصعود

وخلال عمله بإدارة (وزارة) الخارجية الأمريكية استخدم علاقاته بإدارة الرئيس ليندون جونسون لنقل معلومات حول مفاوضات السلام إلى معسكر الرئيس نيكسون، لذلك حينما فاز نيسكون بالانتخابات الرئاسية عام 1968 قام بتعيينه مستشاراً للأمن القومي الأميركي، وفي عام 1973، بالإضافة إلى دوره مستشاراً للأمن القومي، تم تعيين كيسنجر وزيراً للخارجية، مما منحه سلطة لا منازع فيها في الشؤون الخارجية.

كيسنجر ونيكسون
كيسنجر ونيكسون

وعلى الرغم من فضيحة ووترجيت التي أجبرت الرئيس نيكسون على الاستقالة، فإن كيسنجر استمر في منصبه كوزير للخارجية فى عهد خلفه الرئيس جيرالد فورد الذى تولى منصبه في عام 1974.
وأنجز كيسنجر اتفاقا حول الأسلحة الاستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي، حيث سافر كيسنجر مع الرئيس فورد إلى فلاديفوستوك في الاتحاد السوفياتي، والتقى الرئيس بالزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف، واتفقا على إطار عمل أساسي لاتفاق الأسلحة الاستراتيجية، وهي الاتفاقية التي أدت إلى تخفيف التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فذلعت شهرة كيسنجر، وأسلوبه الدبلوماسي الماكر، فى التعاطى مع الأزمات، والدفع إلى التقارب بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والصين، ولعب دورا كبيرا في إنهاء حرب فيتنام.
وفى ذات الوقت ظل كيسنجر شخص مثيرا للجدل، فقد اتهم بدعم انقلاب 1973 في تشيلي، وغزو تيمور الشرقية عام 1975.

دوره فى حرب أكتوبر 1973

ولعب كيسنجر دورا مهما فى دعم إسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973، ومباحثات وقف إطلاق النار، والمباحثات بين مصر وإسرائيل المتحاربين، كما قام بجولات مكوكية، بين عواصم الدول الثلاث المتحاربة، مصر وسوريا وإسرائيل، ألتقى فيها قيادات الدول الثلاث، الرئيسين أنور السادات، والسورى حافظ الأسد، ورئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، وبلغت رحلاته المكوكية ما بين تل أبيب، ودمشق فقط 32 رحلة، وأكثر منها ما بين القاهرة وتل أبيب، وذلك لدفع الجهود نحو صياغة اتفاق طويل الأمد لفك الارتباط بين إسرائيل ومصر فى سيناء، وسوريا في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

 

ويمكن القول أنه ساهم بدور كبير فى إغاثة وإنقاذ الكيان الإسرائيلى من تهديد وجودى كانت تتعرض له بسبب حرب مصر وسوريا فى عام 1973.
لكن كيسنجر تعرّض لانتقادات لاذعة عام 1975 لفشله في إقناع إسرائيل ومصر بالموافقة على المرحلة الثانية من فك الارتباط في سيناء.
وغادر هنرى كيسنجر مناصبه الرسمية في الإدارة الأمريكية مع تولى الرئيس الأميركي جيمي كارتر الرئاسة عام 1976، وأنشأ شركة استشارية في نيويورك لتقديم المشورة لكبرى الشركات في العالم.

كما تولى عضوية عدد من مجالس إدارة الشركات، وعمل فى ذات الوقت محاضراً في العديد من منتديات السياسة الخارجية والأمن، ومعلقاً إعلامياً في الشؤون الدولية، إضافة إلى قيامه بنشر العديد من الكتب التى تعد مراجع فى شئون السياسة الدولية، والتقى العديد من قادة العالم، وآخرهم الرئيس الصيني شي جين بينج في شهر يوليو الماضي.

كيسنجر والرئيس الصينى شي جين بينج
كيسنجر والرئيس الصينى شي جين بينج

وظل هنرى كيسنجر نشطًا – على الرغم من تقدمه فى العمر – على ساحة السياسية الدولية حتى وفاته، أمس الأربعاء.

ملخص السيرة

فيما يلي بعض الأحداث الرئيسية في حياة هنري كيسنجر:

ولد في ألمانيا عام 1923.
هاجر إلى الولايات المتحدة في سن العاشرة.
حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفارد.
عمل كأستاذ في جامعة هارفارد.
عين مستشارًا للأمن القومي للرئيس ريتشارد نيكسون عام 1969.
عين وزيرًا للخارجية عام 1973.
ساعد في إنهاء حرب فيتنام.
حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1973.
غادر منصبه كوزير للخارجية عام 1977.
ظل نشطًا على الساحة السياسية الدولية حتى وفاته عام 2023.

اقرأ أيضا:

وثائق أمريكا السرية عن حرب أكتوبر.. دور كيسنجر ورعب مائير وموقف المصريين

رفعت رشاد يكتب: «كيسنجر».. داهية العصر الحديث

زر الذهاب إلى الأعلى