حمدي نصر يكتب: أمراض.. وأمراض

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، سبحانه يشفى مريضا ويعافى مبتلى
وبعد
فالإنسان يعيش حياته اليومية يأكل ويشرب وينام ويستيقظ ويسعى ويعمل ويربح ويخسر ويدخل ويخرج ويقوم ويقعد ويمشى ويركب ويصنع ويزرع ويتنفس بصورة طبيعة وهذه كلها نعم ، من الناس من يدركها ومنهم من يغغلها ، لكن مع أول عثرة أو أزمة تواجهه يتوقف ويسأل ويبحث عن السبب وطريقة علاجه، وقد لا يدخر جهدا ولا يفقد أملا فى إصلاح ما حدث وتعديل ما وقع حتى يعود الحال إلى طبيعته ويستقر الأمر فى مسيرته.

فإن كانت العلة فى صحة بحث عن أمهر طبيب وأحسن علاج ، وإن كان فى حرفة أو مهنة ذهب لأقرب خبير وأفضل حكيم ،
وإن كان عثرة فى مال أو ضيق فى معاملة توجه لأجود ممول وأسرع منقذ ، وكل هذه الازمات والعثرات أعراض لأمراض خاف هو من دوامها وآثارها فسارع إلى حلها وبارد بعلاجها حتى تعود الأمور لنصابها وكل هذا مما يحمد ويشكر بل وبه يؤمر وعليه يؤجر طالما أنه فى الخير وبالخير وهى أمراض ربما تتعثر معها الحياة لكنها قد لا تتوقف ، إنها الحياة العادية.

لكن هناك حياة أخرى قد لا يشعر الإنسان بعثرتها أو بأزمتها وقد لا يلتفت لأعراض هى لأمراض ، حياة قلبه مع ربه قد تظهر أعراض تختلف فى حدتها وتتنوع فى خطورتها من تأخير الصلاة أو تركها ومن تأجيل الزكاة أو منعها ومن ترك الصيام كله أو بعضه ومن أكل الربا والرشوة وأموال اليتامى وحقوق العباد ومن ظلم العباد ومن قطع الأرحام وعقوق الوالدين وسوء الجوار والأيمان الكاذبة والفساد والإفساد وشرب المخدرات والمسكرات وارتكاب الفواحش والقتل وإثارة الفتن وغير ذلك على حسب درجة العرض الذى يدل على المرض.

وكما هو معلوم كلما اشتد العرض زاد المرض ، وهنا وجب البحث عن طبيب قلب واع ناصح عالم عامل مخلص ربانى يسمع المريض وما هو عليه الأعراض فيشخص بدقة الداء ويصف بحكمة الدواء من كتاب رب الأرض والسماء ومن هدى سيد الرسل وخاتم الأنبياء ، وهنا يستجيب القلب للعلاج على قدر همة المريض وإخلاص الطبيب ، وإلا فالإهمال طريق الخسران وسبيل الحرمان.

فقد يموت القلب إذا أهمل صاحبه شكواه أو انصرف عن كلام طبيه وقصر فى علاجه إذا كان المرض ( حسيا أو معنويا )
لذا كان مقالنا أمراض وأمراض، كل منها يحتاج إلى رعاية واهتمام.

واعلم أن أمراض القلب المعنوية تزداد كالحسية بل أشد إذا أهمل صاحبها أعراضها وتكاسل وتغافل وتعمد إهمال أعراضها قد تؤدي إلى موت القلب فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا فلا يتأثر بموعظة ولا يعتبر بحادثة ولا يتعظ بجنازة ، ولا تتعجل فقد يحتاج الدواء إلى ساعات بل إلى أيام بل إلى شهور وقد يكون فى البيت وقد يكون فى عناية مركزة خاصة بالقلب حتى يسترد عافيته وهذا على حسب مرضه وهمة صاحبة وإخلاص معالجه.

وتظهر علامات الشفاء فى سلامة الجوارح وحسن الأخلاق وصدق المعاملات وتقوى رب الأرض والسموات ،
نسأل الله تمام الشفاء وكمال العافية من أمراض القلب الحسية والمعنوية وسرعة العودة لله قبل فوات أوانها .

بقلم
حمدى أحمد نصر
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

زر الذهاب إلى الأعلى