د. إسلام جمال الدين شوقي يكتب: عقوبة إزهاق أرواح الأبرياء بالخطأ !

تم تقديم مقترح في مجلس النواب بمشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته بشأن جريمة القتل والإيذاء الخطأ.

في حقيقة الأمر القيام بمثل هذا التعديل وإن كنت سعيدًا به إلا أنه تأخر كثيرًا، وكان من الواجب القيام بذلك منذ فترة كبيرة، وذلك نظرًا لأن نص العقوبة في المادة 238 من القانون رقم 58 لسنة 1937 جاءت هزيلة لا ترتقي وإزهاق روح الأبرياء، مما جعل البعض يستهين بهذه العقوبات، ومن ثم أفلت من زمام النصوص التى لم تحقق الردع العام لها لأن احتساب هذه التشريعات لجرائم القتل الخطأ الناجمة عن حوادث المرور أنها من جرائم الجنح أن كان له ما يسوغه فالجرائم وجسامتها ومدى وجوب الغلظة في العقاب بشأنها هي أمور تقررها جسامة المشكلة في كل بلد.

وطبقًا لنص الدستور هناك إلتزام باحترام حقوق المواطنة وسيادة القانون وتنفيذ أحكامه وقراراته، وإنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بموجب نص قانوني، وتُعدُ قضية القتل الخطأ من القضايا المجتمعية الهامة خاصةً في ظل عدم تناسب عقوبة القانون مع جسامة هذا الجرم الذي يؤدي إلى إزهاق أرواح أبرياء، فحوادث السير من أهم وأخطر القضايا المعاصرة لما تسببه الحوادث من خسائر بشرية ومادية واجتماعية واقتصادية.

لذلك كان لزامًاعلى المشرع تماشيًا مع مستجدات العصر، وفي ظل الإتجاه نحو الجمهورية الجديدة أن يتعامل مع ماهية هذه الحوادث، وأن يتم التعامل بطريقة الردع مع السائقين المستهترين سواء بأرواحهم وأرواح الآخرين وبتغليظ المسئولية الجنائية وإضافة بعض العقوبات التكميلية وقصر التصالح على الحالات البسيطة منها.

وعند إمعان النظر فى الظروف الراهنة، والتي تنوعت فيها صور الحوادث، وكثرة وقوعها نتيجة التوسع في استخدام وسائل الانتقال سريعة السير، وما ينتج عنها من أضرار بالغة في الأنفس والأموال؛ مما جعل ذلك يستوجب بالضرورة تعديل تشريعي وإعادة النظر في صياغة القانون بما يحقق الردع والصالح العام، وذلك نظرًا لما تمثله قضايا حوادث المرور حيث تحظى باهتمام وطني ودولي، لما لها من صلة وثيقة بحياة الأشخاص وسلامتهم وترتبط ارتباط وثيق ببرامج التنمية وموارد الدولة.

وترجع أسباب الحوادث المرورية في قضايا المرور إلى أحد الأسباب الآتية:

خطأ وإهمال السائق، أو عيب في الطرق، أو خلل في شروط المتانة والأمان في المركبة، أو قد يكون السبب راجعًا إلى الظروف الجوية الرديئة كالمطر والضباب والظلام. غير أنه من المتفق عليه أن السائق هو المتسبب الرئيسي في حوالي 80% من حوادث أوجرائم المرور.

وعند تناول المادة (238) من القانون 58 لسنة 1937 والمقترح تعديلها نجد أنها تنص على مايلي:

“من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تجاوز 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنين وغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك”.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 7 سنين إذا نشا عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف أخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 10 سنين.

وباستقراء هذه المادة نجد أن العقوبات هزيلة لا ترتقي وإزهاق روح الابرياء، مما جعل البعض يستهين بهذه العقوبات، لذلك لقد حان وقت تعديل المادة 238 من قانون العقوبات، لأن عدم تعديلها يُعدُ جريمة أكبر ويجعل منا شركاء أصليين في الجريمة وفقدان العقوبة لأهم ميزة، وهي تحقيق الردع العام والخاص ويمثل ذلك أيضًا إخفاق للمشرع في وظيفته المتمثلة في تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع.

مقترح لنص المادة (238) من قانون العقوبات بعد التعديل:

“من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرون الف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين”.

وقد نصت التعديلات وللمرة الأولى على سحب رخصة القيادة… حيث نص التعديل على أنه:

“واذا كانت هذه الأفعال مقرونة بقيادة مركبة أيًا كانت نوعها طبقًا لقانون المرور، تسحب رخصة القيادة لمدة سنة بعد إنتهاء تنفيذ الحكم إذا كان حبسًا، أو تاريخ سداد الغرامة إذا كان الحكم كذلك.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسون ألف جنيه إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك”.

“وإذا كانت هذه الأفعال مقرونة بقيادة مركبة أيا كانت نوعها طبقًا لقانون المرور يتم سحب رخصة القيادة لمدة خمس سنوات من اليوم التالي لتنفيذ العقوبة.”، كما أنه يمثل انتصارًا لما

كما نصت التعديلات على جعل من جريمة الفعل الذي أدى إلى وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص جناية وليس جنحة.

حيث نصت التعديلات على أنه “وتكون العقوبة السجن إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف والواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة السجن المشدد وإذا كانت هذه الأفعال مقرونة بقيادة مركبة أيًا كان نوعها طبقًا لقانون المرور يتم سحب رخصة القيادة لمدة عشر سنوات من اليوم التالى لتنفيذ العقوبة.

وتمثل هذه التعديلات في حالة إقرارها انتصارًا حقيقيًا، حتى لا تضيع حقوق الأبرياء من الذين زهقت أرواحهم على يد البعض من المستهترين نتيجة الاستهانة بالعقوبة المنصوص عليها في نص المادة قبل التعديل، والإفلات بسبب عدم تغليظ العقوبة مما يستوجب على المشرع قيامه بتغليظ العقوبة إلى أقصى حد ممكن حتى تحقق الردع الطلوب والصالح العام.

اقرأ أيضا:

تابعنا على صفحتنا بـ «فيسبوك»:

https://www.facebook.com/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A-102955318984085/

 

زر الذهاب إلى الأعلى