رفعت رشاد يكتب: صراع «أمين وهيكل» في روايات الصحفيين

دار حديث بين زميل صحفي وبيني عن القصص التي كتبها صحفيون عن الصحفيين، وعن كواليس الصحافة.. سألنى: هل كان عبدالهادي في رواية «زينب والعرش» هو مصطفى أمين؟.

قلت: لا يمكن أن نجزم بحقيقة الشخصيات التي كتبها إحسان عبدالقدوس أو فتحى غانم أو موسى صبرى أو غيرهم، فالأديب لا يكتب بالأسلوب المباشر، فهو يطبّق قواعد الدراما، وبالتالى لا تصريح ولا وضوح للشخصيات أو التفاصيل الحقيقية.

اهتم كبار الصحفيين بفترة الستينات من القرن الماضى وكتبوا عما دار من صراع بعد تأميم الصحافة.

كتب «إحسان» «غابت الشمس ولم يظهر القمر» تابعها الصحفيون فى جريدة «الأهرام»، حيث نشرت أسبوعيا، واختلفوا حول الشخصيات الحقيقية التى تناولها «إحسان».

لكن بشكل عام رأوا أن الرواية تحكى عن مصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل، كانت فترة الستينات خصبة ومغرية للكتابة، فقد شهدت أحداثاً درامية بدأت بتأميم الصحف وسجن مصطفى أمين، وهو ما ولّد حكايات لا نهائية عما كان يدور فى كواليس صاحبة الجلالة والصراع بين أقطاب المهنة.

لم يكن هناك نقد أدبى للرواية، لكن النقد الصحفى أضاف إلى شخصيتى مصطفى أمين وهيكل شخصية التابعى، وربما محمود أبوالفتح وترك المؤلف للقارئ، وهو فى غالبيته من الصحفيين، أن يفسر الأحداث كما يشاء.. كتب فتحى غانم عن الصحفيين والصحافة فى «الرجل الذى فقد ظله» و«زينب والعرش».

تدور أحداث الرواية الأولى، التى كتبها «غانم» بعد ثورة يوليو، فى عصر الملكية، فى الجريدة التى يملكها الباشا، يدور الصراع بين ناجى الصحفى العتيد، وبين يوسف الصحفى الشاب الطموح، وفى النهاية يستطيع يوسف، أن يتقرّب من الباشا، ويُقصى ناجى صاحب الفضل عليه.

وجد القراء أن «ناجى» هو مصطفى أمين، وأن يوسف هو «هيكل» وها هو الباشا صاحب الجريدة الذى يُقصى ويقرّب (هذا فى عقل القارئ)، وتحولت إلى فيلم سينمائى.

تدور أحداث «زينب والعرش» -التى تحولت إلى مسلسل- فى فترة الستينات بعد تأميم الصحافة حول ثلاث شخصيات، «زينب» بطلة الرواية، وطرفى الصراع «عبدالهادى ودياب».

يكشف فتحى غانم وجهة نظره عن الصحافة فى ذلك الوقت والصراعات الدائرة داخل كواليسها بعدما تغير المالك، رابطاً بين أحداث وشخصيات مما قبل الثورة إلى الفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث الرواية وهى الستينات.

وكتب موسى صبرى «دموع صاحبة الجلالة»، التى اشتُهرت باسم الشخصية الرئيسية فيها «محفوظ عجب»، وتم تحويلها إلى فيلم. ولم تبعد رواية موسى عن الصراع بين الطرفين الرئيسيين فى الصحافة زمن الستينات، وهما مصطفى أمين وهيكل.

أعطى «موسى» مساحة أكبر للصحفى المتطلع، لكى يمارس النفاق والخداع، لكنه لم يحد كثيراً عن قصة الصراع بين من صاغا قصة الصحافة فى الستينات، ودارت الحوارات والنقاشات بين الصحفى لتفسير أحداث الرواية وتحديد الشخصيات الحقيقية لها.

لم يكتب أحد من الصحفيين روايات أخرى عن الصحافة بحجم ما كتبه «إحسان وغانم وصبرى»، رغم وجود شخصيات بارزة وأحداث ثرية وصراعات درامية.

زر الذهاب إلى الأعلى