وكأنه توفي بالأمس.. سيرة أول شهيد في حرب أكتوبر

بيان

صلاح حسب الله، واحد من أبناء القرية المصرية التى ينتمى إليها الشهيد البطل محمد حسين مسعد، أول شهيد في حرب أكتوبر المجيدة.

“حسب الله” الذى يقدم نفسه بـ “كاتب مقالات ثقافية، وأحد المهتمين بدراسة المجتمع”، يحكى فى السطور التالية عن ابن قريتهم ، وفخر مصر، البطل الشهيد، ويسرد سيرته ، ودور الدولة فى تكريمه، وتفاصيل أخرى.

الشهيد محمد مسعد
الشهيد محمد مسعد

ابن قرية سنديون

يقول “حسب الله”:

” افتخر أنني من قرية أول شهيد في حرب أكتوبر المجيدة الشهيد البطل محمد حسين مسعد ابن قرية سنديون مركز قليوب محافظة القليوبية.

ولد البطل محمد حسين محمود مسعد في شهر مارس عام 1944 وفي عام 1968حصل علي بكالوريوس الزراعه وبعد ذلك تم تجنيده في سلاح الاستطلاع وتم توزيعه علي الجيش الثاني الميداني.

ومن المعروف عن أبطال سلاح الاستطلاع أنهم دائما يكونوا خلف خطوط العدو ليعرفوا معداته وعدد أفراده وكمية التموين التي يستخدمها العدو بجانب اتقان اللغه العبرية لغة العدو الإسرائيلي والتدريب علي الاشتباكات والالتحام مع العدو إذا لزم الأمر.

ودور أبطال سلاح الاستطلاع لايقف عند ذلك بل يقوم بتوجيه سلاح المشاة بمعدات العدو بالحسابات حتي يتم لرجال المشاة التعامل مع أسلحة العدو مثل الدبابات.

وعند نزول البطل الشهيد أجازة قال لوالدته سوف أحارب في معركه من أحسن المعارك وسوف تفوق المعركة التي اشترك فيها أخي عبد الحميد.

وكان شقيقه الذى يكبره عبد الحميد قد شارك مع القوات المدرعة المصرية ضد القوات الإسرائيلية في معركة جبل لبنى التي جرت عام 1967 والتي يتم تدريسها في الأكاديميات العسكرية.

الإعلامي طارق علام مع شقيق الشهيد الحاج عبدالحميد مسعد
الإعلامي طارق علام مع شقيق الشهيد الحاج عبدالحميد مسعد

معارك الاستنزاف

وشارك البطل محمد حسين مسعد في معارك الاستنزاف وقام بالاستطلاع عدة مرات خلف وداخل خطوط العدو الإسرائيلي، وإخبار القيادة المصرية بمواسير النابلم، وشارك في تدميرها أو تعطيلها.

ووضعت إسرائيل مواسير النابلم أسفل مياه قناة السويس ، وقال أحد قادة العدو الإسرائيلي: إذا فكر الجيش المصري في اقتحام القناة سوف تتحول المياه إلى جحيم وسوف تطفو جثث المصريين علي سطح القناة.

وبعد أن أتم المدة المقررة لتجنيده خرج إلى الحياة المدنية ، وتم زفافه في الثاني من أغسطس عام 1973 على عروسه التى تعمل مدرسة بمدرسة سنديون الإعداديه، ولم يمكث معها إلا قليلا من الوقت حيث استدعته القوات المسلحة المصرية، وأثناء وداعه لعروسه قال لها لاتخافي عليا لأننا علي حق لتحرير أرضنا والله معنا، وأشعر أنني على أبواب عالم جديد يضاء بقناديل من نور، عالم يسبح فيه كل شيء في حواصل طيور خضراء مغردة، فسامحيني على فراقك السريع، فأنا أشعر أن وحدتي العسكرية ووطني بحاجة إليّ.

وبعد أن وصل إلى وحدته قام بمهامه الاستطلاعية خلف خطوط العدو ورصد القوات الاسرائيلية وإبلاغ القيادة بتحركات القوات الاسرائيلية.

وفي الأول من شهر رمضان عام 1993 هـ، تم السماح للبطل الشهيد محمد حسين مسعد بزيارة أسرته وفي المساء عاد إلى وحدته، وأثناء وداع زوجته قال لها: “اوعي تنسي قراءة الفاتحة، وخلي بالك من نفسك”.

العائلة تودعه

وخرجت كل العائلة تودعه وهذه هي أول مرة تخرج العائلة لوداعه منذ التحاقه بالخدمة العسكرية وعندما اندلعت المعارك يوم السادس من أكتوبر عام 1973 كان البطل محمد حسين محمود مسعد ضمن المفارز الأولى لقواتنا الضاربة وبمهارة وجسارة تعامل البطل مع القوات الإسرائيلية.

وما هي إلا سويعات حتى استشهد البطل محمد حسين محمود مسعد بمنطقة التمساح بسيناء وكانت، آخر إشارة بعث بها إلى قائده: “العدو يا فندم على بعد 10 أمتار”.

وبهذا يكون البطل الشهيد محمد حسين مسعد أول شهيد على أرض سيناء خلال معارك أكتوبر عام 1973 علي حسب إشارات التبليغ في القوات المسلحة المصرية واسمه مسجل بالموسوعة العالمية.

عايزة استريح وأشوف جثمان أخوك

وفي الـ 24 من شهر يونيو عام 1974 أرسل وزير الحربية المشير أحمد إسماعيل علي نعيا إلى والدته الحاجة زينب محمد علم ، وفي نفس العام طلبت أم البطل ، التى كل بصرها، من ابنها الأكبر عبدالحميد مسعد ، الجندى بالقوات المسلحة، طلبا قالت له فيه: “انا عايزة استريح وأشوف جثمان أخوك في مقابر العائلة”.

والابن الجندي عبد الحميد كان يقود السيارة للفريق فؤاد عزيز غالي في الفرقه الثامنة مشاة قبل أن يتولي الأخير قيادة الجيش الثاني الميداني.

وذهب عبد الحميد إلى الفريق غالى، وشرح له الأمر واستجاب غتاى لطلب أسرة الشهيد ونقله إلي مقابر العائلة في قريته سنديون، وقد اشترط الفريق فؤاد عزيز غالي علي الشقيق الأكبر للشهيد أن تبني مقبرة خاصه يدفن فيها بملابسه ، وسلاحه وقام الشقيق الأكبر ببناء المقبرة والتي أشرفت عليها القوات المسلحة

وهنا يبن حرص القوات المسلحه المصرية علي تكريم أبنائها الأبطال ، وقامت أسرة البطل الشهيد بنقل جثمانه من مقابر الشهداء بالإسماعيلية إلى مقبره خاصة بسنديون.

وخرجت جموع الأهالي في في موكب مهيب تهتف: “لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله”.. وذكر شقيقه أن البطل الشهيد عندما تم نقل جثمانه كان كما هو وكأنه توفي بالأمس وكانت رائحته تفوق رائحة المسك اما سلاحه فقد أصابه بعض الصدأ.

وتحدثت عنه وسائل الإعلام ، أذكر منها مجله الناصر في عددها الصادر في شهر سبتمبر عام 1975 ومجله المصور في عدد الصادر في أكتوبر عام 1975.

كتبوا عنه

كما أصدرت دار الهلال في شهر أكتوبر عام 1976 عددا ضخما عن حرب أكتوبر، ومجلة التطبيقين في اعدادات صادر في شهر اكتوبر 78 وكتب عنه الأديب والمؤرخ الدكتور إبراهيم خليل في كتابه من سجلات الشرف.

وقد تم تكريم عائلة الشهيد في حفل أقيم بنادي الضباط بالحلميه لأسر الشهداء حضره اللواء محمد عبد الفتاح العيسوي مدير إدارة الشئون المعنوية نائبا عن الفريق أول محمد عبد الغني الجمسي والدكتورة عائشة راتب وزيرة الشئون الاجتماعية وعدد كبير من القادة وضباط الصف والجنود.

وتم إطلاق اسم الشهيد علي مدرسة بسنديون وفقا لقرار المجلس الشعبي المحلي بسنديون وتم التصديق من المجلس الشعبي لمركز قليوب في الثاني والعشرون من شهر يوليو عام 1993 .

محافظ القليوبيه د. علاء مرزوق أثناء زيارته لقبر الشهيد وقراءة الفاتحة على روحه وفى استقباله شقيق الشهيد
محافظ القليوبيه د. علاء مرزوق أثناء زيارته لقبر الشهيد وقراءة الفاتحة على روحه وفى استقباله شقيق الشهيد

رحم الله شهيد الوطن وشهدائنا الابرار واسكنهم الله فسيح جناته.

اقرأ أيضا:

زر الذهاب إلى الأعلى