أسماء خليل تكتب: بحر آدم أرض حواء

حينما تبحث عن التشبيهات البليغة لعلاقة الرجل بالمرأة؛ لن تجد رابطًا يقربك والواقع أكثر من الوصف الدقيق أنَّ آدم بحر وحواء أرض، ما أجمل خبرات السابقين حينما تتبلور في بعض الجمل الصغيرة التي تحمل عشرات الحكم وتُبلِّغ مئات الرسائل، وعلى كل امرئ قراءتها بقلبه.

اقرأ أيضا..

أسماء خليل تكتب: ليالي باريس

أسماء خليل تكتب: ساعة اللاشيء

ها “هو” الرجل.. الزوج، الحبيب، الأب، الأخ.. “البحر” .. بجماله الآخاذ.. بحبك للقرب منه.. بالسكينة التي تنبعث داخل روحك بمجرد النظر إليه.. بصفائه.. بنقائه.. بحبكَ للإبحار في أعماقه..بعشقك للتنزه على شاطئه.. ريانٌ مِعطاء..
وفجأةً!..تأتي الرياح، فلا يمكن بأية حال أن تشتهي السفن.. يثور.. يقلب الطاولة.. تعلو أمواجه.. يُنذرُ بنوَّة.. يجعلك تهرع من هول أمواجه العاتية.. لا يرى من سيجرف.. يضطرب.. يُلقي ما في جعبته على الشاطئ.. لا يخشى من لوم الأحباء.. وحين انصراف الرياح.. يهدأ ويعود كما كان..

ثم تتساءل حواء.. وهل سيظل آدم – بين الفينة والفنية – ذا أمواجٍ ثائرة ؟!..لماذا يهدأ ويثور ويثور ويهدأ؟!..إلى متى سيهيجُ وتتسارع خُطواته وينل من يطله بألسنة مياهه الملتهبة.. إنه المتحرك الذي لا يمكن البقاء على سطحه.. فقط الإبحار.. إما نجاة إما غرق!..

بينما “هي” المرأة.. “الأرض” .. الثبات.. الهدوء.. بقليلٍ من القطرات تُنبت وتُزهر.. راسخة..قوية..لا تثور ولا تضطرب ولا تعتو.. إنها بانتظار البحر في تغيره عنها بلا مقدمات أملًا في عودته للتريث ولو بعد حين.. إنها الخير.. النماء.. تتحمل آلات البناء.. تُشيد ملايين الأبنية ولا تئن.. إنها السكن.. المأوى.. المُستقر.. لا يمكنك الرحيل منها إلا إليها..

وهكذا يكون التضاد الذي يوضح الأشياء ويقويها ويُبرزها، فتكون الصفات المُتباينة بين آدم وحواء، فهي التي تريد الاستقرار ليس بخيارها ولكنه طبعٌ جُبلَت عليه منذ بدء الخليقة، وهو الرحالةُ بين كل الوديان، ولكنه يرتحل ثم يعود، ليجدها صلبة لم تتأثر بتقلبات الرياح، ولا يعنيها إن أغرقتها مياه الأمطار، فلديها يقين أن هناك شمسًا ستغمرُ الأرض بدفئها لتعودُ مليحة المنظر، و يومًا ما ستشتاق لأمواج البحر حتى وإن كانت شديد الملوحة.

فكوني راسخة يا حواء، فأنتِ الطرقات والجسور التي يعبرُ عليها العالم؛ حتى لا يغرق بخضم البحار، لا تتأثري ببعض من هبات الرياح حتى لا يهلك الكون.. انتظري آدم فبعد الرحيل ولو لبُعد أميال مُترامية سيعود؛ كي تستقر الحياة ويزدان الكون ببني آدم.. أسوياء.. أقوياء.. قادرون على بناء مُستقبل مشرق، قامت بتربيته أرضًا طميية.. أو رملية.. وربما جدباء! .

زر الذهاب إلى الأعلى