أمل محمد أمين تكتب: تذبذب أسعار

تعتبر مسألة تسعير السلع في مصر من الأمور الغامضة والمحيرة، وربما عانى الجميع بلا استثناء من معضلة تذبذب أسعار السلع، أي وجود سعرين لذات السلعة في نفس التوقيت وفي نفس المدينة وأحيانا في نفس الحي.

وينطبق هذا الأختلاف التسعيري على معظم السلع الغذائية فتجد الخضروات والطيور ومنتجات الألبان تختلف من مناطق تعتبر ذات شريحة عليا عن أخرى ذات مستوى دخل منخفض.

وقد يكون فارق الثمن في السلع الغذائية بضع جنيهات، لكن المشكلة في السلع المعمرة غالية الثمن مثل الأجهزة الإلكترونية والكهربائية والسيارات وبعض السلع الترفيهية، ومواد البناء والعقارات وغيرها وهنا يكون الفرق بالمئات وربما بالألاف.

وينطبق الأمر على التعليم بشقيه المدرسي والجامعي فهناك فروق أسعار مذهلة في تسعير التعليم فهناك: التعليم الحكومي والتجريبي والخاص والدولي وهكذا، وما يجعلك تشعر بمدى قسوة الحياة أن ترى عجز الوالدين اللذان يرغبان في حصول أبنائهم على أفضل تعليم ولكنهما لا يستطعا وفقا لمبدأ ” كل فولة وليها كيال” !

أما الأكثر دنائة من وجهة نظري هو تذبذب الأسعار وتفاوتها في الخدمات العلاجية فالطبيب يقدم العلاج للمريض بأسعار مختلفة وعلى حسب المنطقة التي توجد بها العيادة واذا كان المريض لا يملك ثمن أجراء العملية إلا في مستشفى جامعي أو حكومي فقد يرفض الطبيب أجراءها.

وربما تكون الأدوية والقليل من السلع اللاتي يخضعن لألية تسعير موحدة.

وحتى ما قبل مدنية الدولة فقد عانى الناس مشكلة تذبذب الأسعار، وفي رواية لأبن مالك رضي الله عنه قال غلا السعر في المدينة على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقال الناس: يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرازق. وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال).

وقد تدل القصة على عدم رغبة الرسول في وضع سعر محدد للسلع لعدم ظلم التاجر ، لكن يظل من الضروري وضع السعر بشكل واضح للمستهلك، والبيع دون مغالاة فالعدل أساس الملك ولنا عظة في قوم شعيب الذين أصبحوا في ديارهم جاثمين لتلاعبهم في الموازين والأسواق وظلمهم للبشر.

خلاصة القول أن تذبذب أسعار السلع ليس أمرًا عابرًا بل مهزلة يعيشها المستهلك كل يوم فعليه أن يكون حاذق ليحصل على السعر الأفضل لنفس السلعة ونفس الخدمة لكن بناءً على “شطارته” وشبكة معارفه ومهاراته في البحث دون كلل.

زر الذهاب إلى الأعلى