طائرات التجسس الإسرائيلي.. التجهيزات والمهام

إعداد: أشرف التهامي

منذ اليوم الأول لحرب غزة يوم السبت 7 أكتوبر الجارى، سجل نشاط سرب الاستطلاع الإسرائيلي 122 نشاطا كبيرا، حيث لم تهدأ طائراته أبداً.
ومع بدايةً اليوم الأول لاقتحام المقاومين لمستوطنات غلاف غزة ، أقلعت طائرات التجسس و الاستطلاع من السرب 122 وبعد اقلاعها بفترة قصيرة جداً اختفت عن الشاشات، ربما تم إطفاء أجهزة ADS-B للتتبع بشكل متعمد.
‏ومنذ صباح الجمعة تحلق طائرات السرب 122 في سلاح الجو الإسرائيلي مقابل سوريا وكذلك لبنان وزادت، كثافة التحليق خلال الساعات الأخيرة، حيث حلقت طائرة نحشون شافيت 679 على ارتفاع يزيد عن 12 km لمدة 9 ساعات خلال 24 ساعة ، كما حلقت طائرة “نحشون أورون” لمهام الاستخبارات الإلكترونية و الإنذار المبكر.
وطائرة “نحشون أورون” تعد الطائرة الأحدث في السرب 122 و تجمع بين مهام نحشون إيتام و نحشون شافيت، مزودة بنظام Mars-2 وهذه الطائرة بمثابة درة التكنولوجيا في سلاح الجو الإسرائيلى.

 من فوق البحر المتوسط

في حرب لبنان عام 1982 كان اعتماد سلاح الجو الإسرائيلي على طائرات E-2C Hwakeye الأمريكية للانذار المبكر التي تحمل رادار AN/APS-145 بمدى 480-550كم.
وكانت إسرائيل توجه مقاتلاتها من فوق البحر المتوسط، ونجح سلاح الجو الإسرائيلى فى إسقاط 90 مقاتلة سورية مقابل لا شيء لإسرائيل أو ربما 3-5 مقاتلات هناك جدل حول خسائره!
وما إن تقادمت طائرات E-2C Hwakeye ، عمدت إسرائيل إلى تصميم أواكس أخرى لتدخل الخدمة عام 1997م عرفت باسم
EL/M-2075 Phalcon ، لكن الطائرة الأخيرة لم تعد _ أيضا – تلبي احتياجات سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة ولا تتناسب مع سياسته بالتفوق المطلق.

“نحشون – إيتام”

ولنا سبق قامت شركة “IAI ELTA” الإسرائيلية فى عام 2005 بشراء خمسة طائرة خاصة أمريكية من طراز “Gulfstreem G-550″، وأطلقت عليها اسم “نحشون – إيتام”، ومع حلول عام 2007 كانت شركة ELTA قد جهزتها بالتجهيزات الإلكترونية اللازمة لتنفيذ مهام الإستطلاع والإنذار المبكر، وانضمت طائرات ال “نحشون” الخمسة إلى سرب
Squadrons -122 ، في قاعدة نيڤاتيم الجوية جنوب شرق بئر سبع وأصبحت جاهزة لتنفيذ مهامها بحلول عام 2008.

طالع المزيد:

وول ستريت جورنال: أمريكا تخشى التورط فى حرب غزة

واختارت القوات الجوية الإسرائيلية هذا النوع من الطائرات كونها خفيفة وبسيطة وذات تكلفة منخفضة مقارنة بأنظمة الإنذار المبكر المحمولة على طائرات بوينج العملاقة وبنفس الوقت ذات مواصفات فنية عالية مقارنةً مع حجمها حيث يصل مدى تحليقها الأقصى 12500 كم وسقف الارتفاع 13.5 كم وقدرة بقائية في الجو لا تقل عن 9 ساعات بشكل متواصل دون التزود بالوقود جوا.

 التجهيزات الإلكترونية

ونسخة الطائرة نحشون – إيتام موجودة بعدد 2 وتعمل الطائرة بنظام الرادار EL/W-2085 من إنتاج شركة ELTA وهو نظام ثنائي النطاق أي تحمل أربعة رادارات اثنين على جانبي الطائرة يبثان بنطاق L من 1-2 جيجاهرتز وفي أنف الطائرة وذيلها رادارين بنطاق S من 2-4 جيجاهرتز L ، وتتم معالجة معلومات الرادارات الأربعة في كمبيوتر واحد لتظهر نتائج الكشف ك نتيجة موحدة على الشاشات داخل القمرة (تفيد ميزة النطاق الثنائي بقدرة كشف أوسع للأهداف باختلاف مقاطعها الرادارية RCS وصعوبة التشويش عليها).

ويعمل الرادار بنمط المسح الإلكتروني ومصفوفة المسح الإلكتروني النشط تُختصر ب AESA مما يعني دقة عالية في الكشف وصعوبة التشويش عليه وتتبعه + ميزة القفز الترددي كما يقوم بتحديث الموقف القتالي كل 2-4 ثانية مقارنةً ب 20-40 ثانية لرادارات المسح الميكانيكي في طائرات الأواكس الأقدم.

يصل المدى المعلن للرادار إلى 370كم مع زاوية كشف أفقية 360° وقدرة تتبع 100 هدف بوقت واحد وتوجيه 12مقاتلة نحو أهدافها.
كما زودت الطائرة بوصلة بيانات لاسلكية Datalink وتقوم بتزويد مركز القيادة الأرضي والطائرات الحربية ببياناتها في الوقت الحقيقي بشكل مباشر. كما انها مزودة بأنظمة حماية وإنذار RWR و MAWS للتحذير ضد الإطباق الراداري أو الحراري. وتم تزويدها بنظام اتصال بالاقمار الصناعية من طراز EL/K-189 إسرائيلي الصنع مقاوم للتشويش ويتميز بمداه غير المحدود.

وتم تزويد الطائرة بمنظومة استخبار إلكتروني ELINT تقوم بتحليل إشارات الرادارات المعادية وتصنيفها وتخزين ترددات (عدد غير معروف) من الرادارات لتستخدمها الطائرة لاحقاً بالتشويش باستخدام تقنية DRFM التي أصبحت غنية عن التعريف!!

يمتلك السرب 122 أيضاً ثلاثة طائرات نحشون أخرى تسمى “نحشون-شاڤيت” تستخدم لأعمال التجسس الإلكتروني وللاستخبارات الإلكترونية SIGINT (اختراق للاتصالات المشفرة والتجسس على حركة الملاحة المدنية والعسكرية وقدرة على اختراق اتصالات الترددات القفازة) بالإضافة لتزويدها بأجهزة تشويش وحرب إلكترونية مع قدرات ELINT ضد رادارات الدفاع الجوي.
وحالياً تعتبر النحشون رأس الحربة لطائرات الإنذار المبكر لدى إسرائيل حيث تستخدم في جميع عملياتها على الأراضي السورية وتشكيل بنك أهداف.

وتحلق في أجواء المتوسط وقرب قبرص أو فوق أجواء الأردن لسطع العمق السوري.

وتم تصديرها لكل من سنغفورة بعدد 4 طائرات بسعر 375 مليون دولار للواحدة وسلاح الجو الإيطالي بعدد 2 سلاح الجو الأسترالي بعدد 4 نسخة Shavit والبحرية الأمريكية تعاقدت عليها عام 2015 .

الطائرة السادسة الجديدة “نحشون Oron”

أما الطائرة السادسة الجديدة في سرب النحشون الإسرائيلي تسمى “نحشون Oron”، استلمها سلاح الجو الإسرائيلي منذ أقل من عام، ولم تنفذ حتى الآن إلا طلعة جوية واحدة فقط.

الطائرة عبارة عن منصة محمولة جواً لنظام الإستطلاع المتكامل الإسرائيلي من شركة ELTA المعروف باسم “Mars-2” أو “ELI-3150”.

بالنسبة للرادارات بقيت ضمن نفس النطاق الترددي مع المحافظة على ميزة النطاق الثنائي لكن غالباً تم زيادة المدى (المدى المعلن لرادار EL/W-2085 على النحشون إيتام هو 370 كم لكنه في الواقع يصل إلى 450 كم ضد هدف جوي وربما أكثر ضد السفن خاصة كونها كبيرة في الحجم وسهلة الرصد) وقد يصل مداه في نظام Mars-2 إلى ما يقارب ال 550 كم.

وتمت إضافة تقنية GMTI لرادارات الـ AESA وتعني رسم الخرائط الأرضية عالية الدقة بتقنية SAR مع كشف للأهداف الأرضية الثابتة والمتحركة و تحديدها وتصنيفها وملاحقتها ضمن مدى 80-60 كم (لم تكن موجودة تقنية GMTI في النسخ السابقة).

نظام سطع كهرو بصري حراري EO/IR ذات مستشعرات عالية الوضوح ليلاً ونهارًا لاكتشاف الهدف والتعرف عليه، (أيضاً النسخ السابقة لم تكن تملك تقنية التصوير) ، وربما هذه هى الأخطر خاصة عندما تحلق النحشون على ارتفاع شاهق (13 كم مثلاً وهو أقصى ارتفاع تصل إليه) والجو صحو، وتقوم بالاستطلاع من شمال فلسطين باتجاه الأراضي السورية علماً أن مدى النظام البصري لا يقل عن 150 كم .

وعلى سبيل المثال وفى أسوأ الأحوال، يمكنها تصوير كامل منطقة ريف دمشق حتى جنوب سوريا بكل أريحية (تجسس بصري فقط لم نتحدث عن التجسس الإلكتروني بعد).

ومن ناحية استخبارات الإشارة SIGINT، تمت إضافة هوائيات الاستطلاع ELINT التي نشاهدها في نهاية كل جناح على الطائرة و هوائي في أنف الطائرة و آخر في مؤخرتها أسفل الذيل.

وتفيد تقنية ELINT بالبحث عن عمليات إرسال الرادارات الأرضية واعتراضها وقياسها وتحديد موقعها وتحليلها وتصنيفها ومراقبتها من أجل تشكيل مايعرف بالموقف القتالي و الترتيب الإلكتروني للمعركة، يمكنها كشف الرادارات التي تعمل في النطاق 0.5-18 جيجاهرتز (غير معروف مدى التجسس على الرادارات لكن حتماً لا و لن يقل عن 300 كم).

ويمكن للطائرة حفظ ترددات الرادارات المعادية وتخزينها و استخدامها لاحقاً للتشويش عليها أو رصدها من جديد أو حتى إعادة بث التردد نفسه عند التشويش بتقنية DRFM.

وتحفظ وتخزن مالايقل عن 200 تردد مختلف (الرقم تقريبي كون بعض الأنظمة الروسية الأقدم من Mars-2 تخزن 128 تردد معادي) ، ويمكن دمج نتائج كشف هذه الهوائيات على الخريطة لتحديد موقع الرادارات عليها.

كما تم تزويد الطائرة “نحشون Oron” بتقنية COMINT والتي تعني استخبارات الإتصالات مختصة بتحديد مواقع اتصالات الأفراد (استرشاد) ومراقبتها، واختراق الترددات المشفرة والقفازة، يمكنها التجسس على الإتصالات ضمن التردد 20-1200 ميجاهرتز.
الهوائيات المختصة بعملية استخبارات الإتصالات موجودة أسفل بطن الطائرة و أعلى الظهر.

وبالنسبة لمدى عملية التجسس على إتصالات الأفراد لن يقل عن 1000 كم بسبب طبيعة انتشارها الأمواج في هذا النطاق حيث تعتبر طويلة نسبياً و المقصود هنا نطاقات HF و VHF و UHF.

الاتصالات الصوتية والبيانات: أنظمة ربط بيانات اتصالات عبر الأقمار الصناعية موجودة في أعلى ذيل الطائرة خفيفة الوزن وثنائية الاتجاه عريضة النطاق: HF / VHF / UHF جو-جو وجو-أرض.

نحشون أورون
نحشون أورون

وفي طائرات النحشون الأقدم كانت تحمل نظام EL/K-189 للاتصال عبر الأقمار الصناعية.

وتظهر أسفل بطن الطائرة من الناحية الخلفية في الدائرة الزرقاء هوائي صغير مغطى بغطاء شبه بيضوي من الفيبر، هذا النظام عبارة عن اتصال موجه Data-Link أي وصلة بيانات لاسلكية بطاقة عالية لنقل بيانات كشف الرادارات للمقرات الأرضية أو لطائرات أخرى (مثلاً إمكانية نقل نتائج كشف الرادارات إلى طائرة حربية يتعرض راداراها للتشويش فتستهين برادار النحشون من خلال وصلة البيانات هذه) ويتيح نقل بيانات التجسس وإحداثيات مواقع الدفاع الجوي التي قام بتحديدها للوحدات الأخرى.

 

الذكاء الاصطناعي

وحسب الشركة المصنعة تمت إضافة خوارزميات الذكاء الاصطناعي لبرمجيات الحواسيب في الطائرة لتعمل كافة الأنظمة على متنها بشكل متكامل 100%.

وتعد طائرة “نحشون أورون” ثاني سلاح يدخل عليه الجانب الإسرائيلي تقنية الذكاء الاصطناعي بعد صواريخ Sea Breaker.
وتملك أنظمة الطائرة إمكانية التوافق مع بيانات التشغيل لحلف الناتو.
بالنسبة للبقائية في الجو فبقيت 9 ساعات كون الطائرة Gulfstream G-550 بقيت نفسها، وطبعاً حافظت على أنظمة الحماية من الصواريخ والإغلاق الراداري والحراري MAWS وRWR.

رحلة إلى أمريكا للتطوير

وأخيرا، ومنذ أقل من شهر أثناء المراقبة لحركة طائرات التجسس الإسرائيلية ظهرت أحد هذه الطائرات فوق أسبانيا و البرتغال متوجهةً نحو الولايات المتحدة، غالباً ذهبت للتطوير لمعيار Oron الجديد.

……………………………………………………………………………

مصدر رئيسى: https://www.udefense.info/

 

زر الذهاب إلى الأعلى