أحمد جمال البنا يكتب “حكمة”: أيام الله وأفعال العباد

حينما تطالع ما وصانا به الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم ، تجد أنه يقول : ” ألا إن لربكم فى أيام دهركم لنفحات .. ألا فتعرضوا لها ” ، وكأن الله أعطى لكل شىء قيمة ودرجة حتى الأيام .. فليس كل يوم مثل أخيه ، تتفاضل الأيام كما يتفاضل الناس ، وقد وصانا بأن نتعرض لنفحات الله فى تلك الأيام الفاضلة .

والتعرض لأيام الله الذى يقصده رسول الله أن ترى قيمة هذه الأيام وتحتفى بها ، وأن تحافظ على طاعتك لله وأن يرى منك الحسن دائماً ، كما عليك أن تهجر معاصيك ما استطعت تعظيماً لأيام عظم الله قدرها .

ومن العجيب الغريب أن تقرأ فى تاريخ ما قبل الإسلام وهى حقبة زمنية سماها المؤرخون ( العصر الجاهلى ) لما كان فيه من جهل شديد وظلمة على العقول ، وعلى الرغم من ذلك كانوا يقفون تعظيماً لبعض الشهور والتى تسمى الأشهر الحرم ! فكان يتوقفون عن القتال وقطع الطرق وسائر المحرمات .

ومع مقارنة بسيطة بحال المسلمين الآن تجد أن ما كان يعظمه الجاهليون قديماً ، يستهين به أهل الإسلام اليوم ! وأصبحنا ننادى ونذكر الناس بأخلاق أناس قدماء كانوا ( جاهليين ) !

أصبح القتل الآن فى كل وقت .. ما عاد هناك حرمة لشهر حرام أو لأيام فضليات .. أصبحت الجريمة فى كل مكان وفى كل حال ..
يستثيرنى كثيراً  ما نسمع عنه كل يوم من جرائم غريبة على مجتمعنا المصرى الذى كان يشهد له العالم بالتآخى والحب والشهامة والمروءة ، فالزوج يقتل زوجته والزوجة تقتل زوجها والولد يقتل أبيه والأم تتخلى عن أبنائها ، جرائم تتنافى مع الفطرة فضلاً عن الدين والأخلاق .

ومع التقصى والبحث والدراسة لأسباب هذه الجرائم لن تستطيع أن تحصيها فهى متنوعة ومختلفة من طبقة إلى طبقة ومن مجتمع إلى آخر ، وإنما فى اعتقادى أنهم يشتركون جميعاً فى رؤية الله !

و رؤية الله أقصد بها مراقبة نظر الله لنا فى جميع أفعالنا ، وهى عبادة معروفة عند المسلمين قديماً ولابد أن نتعامل معها الآن كقيمة مهمة ، يجب أن تغزو حياتنا .. أن نضع نظر الله إلينا نصب أعيينا ، ونعلم يقيناً أنه يرانا ويسمعنا ويجازى ولا يضل ولا ينسى ..
ويحضرنى موقفاً لأحد الصالحين قديماً كان ينام بجوار ولده الصغير فكان يعلمه قبل النوم ويقول له : ” يابنى لا تدع يوماً أن تنام قبل أن تقول ثلاث كلمات : الله يرانى .. الله معى .. الله رقيب على ” وكأنه يدربه على مراقبة الله ، فاللسان كلما قال كثيراً نفذ الكلام إلى القلب فأصبح خاطرة دائمة ، والخاطرة كلما استحوذت على القلب صارت فعلاً ، والفعل كلما تكرر تقرر وأصبح عادة وهكذا ، يصبح الإنسان فى كل سعيه وعمله فى الدنيا يخلص العمل لله ، ولا يخرج منه فعلاً صغيراً كان أو كبيراً إلا و يراعى نظر الله له ..
وفى النهاية أدعو الله تعالى أن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يطهر قلوبنا حتى يعود مجتمعنا إلى صفاته وأخلاقه الجميلة دوماً .

زر الذهاب إلى الأعلى